السؤال
السلام عليكم.
والصلاة والسلام على أفضل الخلق أجمعين محمد عليه الصلاة والسلام إلى يوم الدين! أما بعد التحية والسلام: فأتقدم إليكم بموضوعي هذا، وأرجو أن يجد لديكم صدرا رحبا!
أنا إنسان مسلم، ومؤمن بالله وبمحمد، وهذا فضل من الله الذي من علينا بنعمة الإسلام والإيمان! ولكن ما أنا مصاب به هو أنني في محنة! أرجو من الله أن يفرج علي! أنا أصبت بخيبات أمل قاتلة: ذل، وفقر، وقهر، ووسواس لا يفارقني ليل نهار!
أرجو أن يكون كل هذا ابتلاء وليس غضبا! كلما أسعى لأعيش عزيزا، قويا، شريفا، شجاعا، غيورا على الإسلام، غنيا، سعيدا، أصاب بعكس هذا تماما! وكأنني فعلت ما يغضب الله، ويجزيني به! أرجو أن تساعدوني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابن السائل/ حسام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
نسأل الله أن يفرج الكروب، ويغفر الذنوب ويستر العيوب، وأن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، ونعوذ بالله من جهد البلاء ودرك الشقاء وشماتة الأعداء!
فلا شك أن للإيمان ثمارا، ومن تلك الثمار الرضا بقضاء الله وقدره، و(عجبا لأمر المؤمن فأمره كله له خير؛ وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له، أو أصابته سراء شكر فكان خيرا له).
واعلم أن أعظم الناس بلاء الأنبياء، ثم الذين يلونهم، ثم الأمثل فالأمثل، ولا يزال البلاء بالعبد المؤمن حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئة، وتذكر أن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وأن الله إذا أحب عبدا ابتلاه، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فعليه السخط (وأمر الله نافذ).
وخير ما نوصيك به وأنفسنا هو لزوم التقوى والصبر، وأحسن من قال :
بالصبر تبلغ ما تريد وبالتقوى يلين لك الحديد
والصبر الجميل هو الذي لا شكاية معه، والإنسان عندما يعترض على ما أصابه، ويكثر الشكوى للناس، فكأنما يشكو الرحيم لمن لا يرحم.
وسوف تعيش ـ بإذن الله ـ عزيزا كريما إذا حرصت على طاعة الله، وتسلحت بالصبر واليقين فبهما تنال الإمامة والرفعة في الدين.
ولا شك أن للمعاصي آثارها الخطيرة، وانعكاساتها السالبة، ومنها تعسير الأمور وتسلط السفهاء، والضيق والاكتئاب، فأكثر من الاستغفار والذكر للرحمن، فقد يكون السبب من الذنوب التي ربما لا ينتبه لها الإنسان.
واعلم أن الكون ملك لله، ولن يحدث في كون الله إلا ما أرداه الله، فثق بالله وتوكل عليه، فلن يكشف البلوى سوى الله! واعلم أن لحظات الفجر تأتي بعد أشد ظلمات الليل، وفرج الله آت لا محالة، ولن يغلب عسر يسرين! وهذه أبيات تنسب لعلي ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ :
إذا اشتملت على اليأس القلوب *** وضاق بهمها الصدر الرحيــب
وأوطنت المكاره واطمأنــــــــــت *** وأرست في أماكنها الخطـوب
ولم ير لانكشاف الضر وجــــــــه *** ولا أغنى بحيلته الأريـــــــــب
أتاك على قنوط منك غـــــــــوث *** يجيء به القريب المستجيـب
وكل الحادثات إذا تناهـــــــــــت *** فموصول بها الفرج القريــــــب
وعندما ينزل البلاء، فإن الناس أمامه أصناف ثلاثة:
1ـ صنف كان على الخير والطاعة، فيزداد بصبره درجات عند الله، ويبلغ منازل ما كان لينالها إلا بصبر على البلاء.
2ـ. صنف كان غافلا، فرده البلاء إلى صوابه، ورجع وتاب، وهؤلاء قال الله فيهم: (لعلهم يتضرعون)[الأنعام:42]، وقال: (فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون)[الأنعام:42] وقال فيهم: (ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون)[الروم:41]، وهؤلاء أيضا على خير، فإن العبد يتوب ويرجع قبل الموت.
3ـ أما الصنف الأخير والعياذ بالله، فهم العصاة الذين لا يتعظون ولا يتوبون، ومثلهم مثل الحمار لا يدري لم ربطه أهله! ولا لماذا أطلقوه! وهذا هو المنافق كما قال الحسن البصري، فنسأل الله أن يثبتك ويسدد خطاك!
والله ولي التوفيق.