السؤال
السلام عليكم.
أنا فتاة عمري 20 سنة، توفي والدي -رحمه الله- قبل شهرين، ومن بعدها أصبت بالقلق والتوتر، ووسواس الموت يلازمني، وتفكيري كله في الموت، ومكتئبة، علما أني أصبت بهذه الأعراض سابقا، وتعالجت منها.
راجعت الطبيب النفسي، ووصف لي العلاج: زانكس وفافرين وريميرون، فأصبحت هادئة وطبيعية، وخف الاكتئاب، لكنني صرت أرى نفسي غريبة، وأتعجب من الخلق وأتأمل، وأحس بإحساس غير منطقي، وأقول: من خلق الله؟ ولماذا خلقنا؟ أعرف أنه خلقنا للعبادة، لكن عقلي لا يستوعب ذلك، ويتوقف عندي التفكير، كل شيء أصبح غريبا بالنسبة لي.
تعبت جدا، أريد أن أعرف ماذا بي؟ أحيانا أفكر في عدم وجود الله ويوم الحساب وغيره، علما أني مواظبة على الصلاة والأذكار، وأخاف الله، والاستغفار لا يفارق لساني بسبب هذه الأفكار، أريد أن أشعر بالحياة والناس، وأصبح طبيعية.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله تعالى الرحمة والمغفرة لوالدك ولجميع موتى المسلمين.
رسالتك واضحة جدا، عبرت عن أحزانك من خلال هذا القلق وهذا التوتر والوسواس الذي أصابك، هنالك بعض الناس لديهم ما يمكن أن نسميه حساسية نفسية، أو سرعة الاستعداد للاستجابات النفسية حين يكونون عرضة لأحداث حياتية كبيرة، ولا شك أن وفاة والدك – رحمه الله – حدث كبير، وبما أنك أصلا لديك شيء من الاستعداد النفسي البسيط – كما ذكرت – حدث لك نتيجة لذلك هذه الظاهرة النفسية التي تحدثت عنها.
وما يطرح على نفسك من تساؤلات سخيفة موجهة إلى نفسك هي تساؤلات وسواسية، والشعور الغريب والذي يسيطر عليك والتعجب: هو قلق نفسي يشبه ما يسمى باضطراب الأنية، أو التغرب والبعد عن الذات، وهي ظاهرة نفسية قلقية وليس أكثر من ذلك.
جل أعراضك أعراض وسواسية، والحمد لله تعالى أنت محافظة على صلواتك وأذكارك، وتكثرين من الاستغفار، هذا أمر عظيم، مطلوب منك الآن أن تحقري هذه الأفكار، ألا تناقشيها، بل خاطبي الفكرة السخيفة حين تأتيك قائلة: (أنت فكرة سخيفة، أنا لن أناقشك)، أو شيء من هذا القبيل، كرري مثل هذه المخاطبات الفكرية لمواجهة الوسواس وتحقيره، وانطلقي في الحياة.
استفيدي من وقتك، أحسني إدارته، انخرطي في أنشطة متعددة، لأن الفراغ الذهني والفراغ الزمني والفراغ النفسي كثيرا ما يجعل الإنسان يعيش الكوابيس والوساوس السخيفة.
وحتى تكتمل الصورة العلاجية بصورة صحيحة أريدك أن تتناولي عقار فافرين مرة أخرى، لكن لا داعي للأدوية الأخرى التي تناولتيها، الفافرين الجرعة المطلوبة جرعة صغيرة، ومدة العلاج قصيرة، الفافرين دواء رائع لعلاج الوسواس، ابدئي بجرعة خمسين مليجراما ليلا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعليها حبة واحدة ليلا لمدة ثلاثة أشهر، وهذه هي المدة العلاجية المطلوبة في حالتك، ثم اخفضيها إلى خمسين مليجراما يوميا لمدة أسبوعين، ثم خمسين مليجراما يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، بعد ذلك توقفي تماما عن الدواء، وأنا أؤكد لك أنه سليم، وأنه غير إدماني، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية أبدا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.