السؤال
السلام عليكم.
لدي شك في وجود مشكلة نفسية عند والدتي، وأريد التأكد لكي أساعدها.
توفيت جدتي أم والدتي منذ شهرين أو أقل، وبدأ الوضع مع والدتي بشكل عادي وتقبل ما حدث، خصوصا أنه كان متوقع حدوث ذلك بسبب مرضها الشديد، ولكن منذ شهر تقريبا بدأت والدتي بالتصرف بتصرفات غير منطقية، مثل العصبية الزائدة عن اللزوم، إحداث مشادات مع أحد أفراد المنزل لأسباب تافهة لا تذكر، وأحيانا بدون أدنى سبب، ووصل الحال بإحداثها مشكلة مع أختي بلا أدنى سبب يذكر أمام عيني، وعندما دافعت عن أختي لأنها لم تخطئ وبأسلوب لبق، والآن لا تتحدث مع أي من أفراد الأسرة ولا تنظر إلينا، حتى والدي لا تتحدث معه.
ولكن في المقابل تتعامل مع أخواتها بشكل جيد في الهاتف وبشكل طبيعي جدا، وتذهب مع إخوتها إلى بيت جدي بشكل طبيعي، ولكن لا تتحدث معنا تماما.
فهل لهذا علاقة بحزنها على فراق والدتها أم أنا أتوهم ذلك؟ أريد الاطمئنان على حالتها، ولا أدري كيف أتصرف في مثل هذه الأمور.
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ هشام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على الكتابة إلينا، وعلى هذا الاهتمام بوالدتك، حفظها الله وكتب لها الصحة والعافية، ورحم الله جدتك.
نعم ما تراه من عصبية والدتك وبعض تصرفاتها التي وصفتها بأنها غير منطقية؛ لها علاقة كبيرة بفقدانها لأمها. صحيح أن فترة الحزن الحادة أو الأولى عقب الوفاة قد مرت، إلا أن هذا الشعور بالفقدان لشخص عزيز لا يمر بسهولة، وقد تستمر الأعراض بشكل مباشر أو غير مباشر لعدة أشهر أخرى، إلا أنكم كأسرة يمكنكم مساعدة والدتكم على التكيف المناسب والتعافي من أسى الفقدان هذا.
وما يعينكم على التكيف مع هذا الحال عدة أمور: ومنها أن تذكروا أن الأمر يحتاج لبعض الوقت لتتجاوزوا أنتم ووالدتكم هذا الحال، فهذا الحزن أو الأسى سيأخذ حده، ومن ثم يبدأ بالتراجع شيئا فشيئا، لتعود أمكم لطبيعتها كما كانت.
ومن الأخطاء الشائعة بين الناس في التعامل مع أسى الوفاة: أن بعض الناس قد يبدأ بتجنب الحديث عن المتوفى، وهي الجدة في حالتكم، وربما يستبعدون وضع صورها والنظر إليها ظنا منهم أن هذا أفضل؛ والعكس هو الصحيح من الحديث عن جدتكم رحمها الله، وربما النظر في صورها وصور العائلة بين الحين والآخر فهذا سيساعد أمكم على التكيف، وكذلك تفيد زيارة القبر، والتي أمرنا بها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حيث يقول: (كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزوروها) فهذا يخفف من هذا الألم، والذي حتى الرسول الكريم شعر به عندما فقد ولده إبراهيم، فقال صلى الله عليه وسلم: (إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون).
ومما يعينكم أيضا هو أن تشجعوا أمكم على القيام ببعض الأعمال والأنشطة التي تساعدها على الاسترخاء، كالجلوس في حالة استرخاء وتلاوة بعض آيات القرآن الكريم والدعاء، والمشي والخروج إلى السوق، فهذا سيساعدها على تخفيف بعض أعراض التوتر، ويعطيها الشعور بأن الحياة ستستمر، ولا ننسى أيضا أهمية الدعوة الصالحة للجدة رحمها الله.
والله الموفق.