السؤال
السلام عليكم
شكر الله لكم على مجهودكم.
أنا شاب في 24 من عمري، تخرجت من كلية الهندسة جامعة القاهرة هذه السنة، أعاني من عدة أشياء أتعبتني ونغصت على حياتي، ولا أعرف سببها، ألا وهي:
الصداع المستمر طول اليوم، وجع مستمر في الظهر والكتفين ومفاصل الرجل والظهر، قلة التركيز والاستيعاب، السرحان، وعدم الوعى بمن حولي، عدم القدرة على التفكير، وأحس بعقد في رأسي بمعنى الكلمة، وأن عقلي مقيد، أميل إلى العزلة في بعض الأحيان وعدم الرغبة في مقابلة أحد، مشوش الفكر، ولا أدري هل هذا تعب نفسي أم حسد؟
علما بأني أعيش وأسرتي في بيت العائلة مع الأعمام وزوجاتهم، ولا أريد أن أتهم أحدا بأنه حسدني.
أرجو من حضراتكم أن تعتبروني ابنا لكم وتعطوني الحل، فأنا لم أعد أحتمل.
جزاكم الله خيرا، وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علاء حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نهنئك أولا بالتخرج من كلية الهندسة، ونسأل الله لك التوفيق في حياتك المهنية، وفي كل حياتك.
أخي: التجربة التي تمر بها أنا أراها تجربة نفسية، لكن قبل ذلك يجب أن نتأكد من صحتك الجسدية، سيكون من الجيد ومن الأفضل –والذي أنصح به دائما– أن تذهب للطبيب ليقوم بفحص جسدك سريرا، وتجرى لك بعض الفحوصات المختبرية للتأكد من الأساسيات فيما يتعلق بوظائفك الجسدية: نسبة الدم، نسبة السكر، وظائف الكلى، وظائف الكبد، مستوى هرمون الغدة الدرقية، مستوى فيتامين (د)، فيتامين (ب12)... هذه كلها مهمة أيها الفاضل الكريم.
ليس من الضروري أبدا أن تكون هنالك علة جسدية مرضية حقيقية، لكن -كما ذكرت لك–، هذا شرط طبي أراه مهما، أن تقوم بإجراء الفحص.
بعد ذلك إذا أكد لك الطبيب أن كل شيء سليم، فهنا أقول لك: أن الأمر كله متعلق بالقلق وبالتوترات، لأن التوتر النفسي يؤدي إلى توترات عضلية، إلى انقباضات عضلية، وأكثر العضلات التي تتأثر هي عضلات الرأس، وعضلة فروة الرأس عضلة كبيرة، لذا انشدادها يؤدي إلى الشعور بالصداع.
60% من الذين يعانون من الآلام أسفل الظهر اتضح أن القلق هو السبب في ذلك، لأن القلق –وهو عبارة عن توتر نفسي داخلي أو ظاهري– يؤدي إلى انقباضات عضلية، وعضلة الظهر تتأثر، وكذلك الكتفين، وحتى المفاصل، وقلة التركيز والاستيعاب كثيرا ما يكون سببها القلق.
أيها الفاضل الكريم: الخطوة الأولى بعد الكشف السريري والفحوصات هي: أن تقابل طبيبا نفسا إن أمكن ذلك، إن لم تتمكن وكانت الفحوصات سليمة أعتقد أن الطبيب سوف يقوم بإعطائك أحد الأدوية المضادة للقلق، وهي كثيرة، منها عقار (دوجماتيل)، و(فلوناكسول)، ومنها محسنات المزاج مثل (مودابكس) كلها أدوية -إن شاء الله- جيدة ومفيدة بالنسبة لك.
موضوع الحسد –أيها الفاضل الكريم– كما ذكرت لك: نحن نؤمن بذلك كله، لكن أيضا نؤمن بأن الله خير حافظا وهو أرحم الرحمين، وأن الإنسان له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله، وأن ما أصابنا لم يكن ليخطئنا، وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا، وأنه لو اجتمع أهل الأرض جميعا على أن يضرونا بشيء لن يضرونا بشيء إلا ما كتب الله، {لن يضروكم إلا أذى}، وإن اجتمعوا على أن ينفعونا بشيء لم ينفعونا بشيء إلا ما كتب الله لنا.
الإنسان مكرم، ومن يؤدي صلاته، ويحافظ على أذكاره، ويحرص على تلاوة كتابه (القرآن الكريم) ويداوم على الدعاء، ويتوكل على الله، ويحرص على ما ينفعه، لن يصيبه مكروها بإذن الله تعالى، {وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله}، على الله توكلنا، وإليه أنبنا، وإليه المصير.
اجعل هذا ديدنك، ولا توسوس حول هذا الموضوع أبدا.
اجعل نمط حياتك نمطا إيجابيا، لابد أن تنام النوم الليلي المبكر، لابد أن تمارس الرياضة، أن تنظم غذاءك، أن تتواصل مع أصدقائك، وأن تحرص على صلواتك في وقتها، وأن تكون بارا بوالديك، وأن تضع خارطة لتدير من خلالها مستقبلك، ماذا بعد التخرج؟ نعم هذه خطوة عظيمة، ويجب أن تستثمر من خلال هذا التخرج للمزيد من الخبرات والعمل، وإن شاء الله تعالى التفوق الأكاديمي.
اجعل حياتك على هذا النهج، وأنا مطمئن أن الأمور سوف ترجع إن شاء الله تعالى لطبيعتها.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.