السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أشكركم على هذا الموقع الرائع، جزاكم الله خيرا على تخفيف آلامنا وإشعارنا بالاطمئنان.
أنا فتاة عمري 26 سنة، كنت أعاني من حالة خوف فجأة، استمرت معي لمدة 13 سنة، ولكن ساءت حالتي النفسية، خاصة بعدما تعرض أصدقائي لحادث أدى لوفاتهم، منذ ذلك الوقت وأنا أشعر بالخوف والحزن الشديد، ولم أستطع التخلص من ذلك.
بحثت في الإنترنت عن دواء مناسب، إلى أن توصلت لدواء سيروكسات، فأخذته ولم أشعر بالراحة، وفي وقت وفاة أصدقائي تمت خطبتي، لكنني لم أشعر بأي فرحة، رغم نعم الله الكثيرة علي، وكان خوفي يزداد، وأشعر بأنه سيحدث لي شيء قبل الفرح.
حياتي أصبحت مدمرة من كثرة التفكير السلبي، والخوف والقلق على أحبابي، رغم تعلقي الشديد بالله، وحبي له، أتمنى التخلص من هذا الوضع الذي دمر حياتي، وأتمنى العودة لطبيعتي، فكل موقف أتعرض له يذكرني بوفاة أصدقائي، فزهدت في الدنيا، ولا أشعر بأنني عروس ويجب أن أفرح، أرجو منكم مساعدتي لإخراجي من هذه الأزمة، فقد اقترب موعد زفافي.
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ زينب حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأشكرك على كلماتك الطيبة، وأول ما أبدأ به: أتمنى من الله تعالى أن تفرحي بزواجك، وأن يكون زواجا ميمونا وسعيدا وطيبا، وأن يجعله الله لك ولزوجك مودة وسكينة ورحمة.
أيتها -الفاضلة الكريمة-: أنت لديك ما نسميه بقلق المخاوف، والخوف هو سلوك أو شعور يكتسبه الإنسان، يعني أن الخوف لا يولد معنا، لكنه قد يأتي في حياتنا، ونكتسبه ونتعلمه، هنالك شخصيات قوية، وهناك بعض الناس شخصياتهم هشة، وبعضهم شخصياتهم حساسة، سريعة التأثر، وهكذا، فكل يتأثر حسب ما نسميه بالتكوين، أو البناء النفسي لشخصيته، الذي يظهر لي أنك حساسة بعض الشيء، وهذا ليس مرضا أبدا.
تفاعلاتك مع الأحداث التي تمر في الحياة مثل الوفيات يظهر أنها شديدة -أي هذه التفاعلات-، وهذا وضعك في الخوف المستمر والقلق المستمر، وربما الكدر المستمر.
الدواء لوحده لا يفيد، الزيروكسات دواء ممتاز، لكن أنت تحتاجين لما نسميه بالتغيير الفكري، تغيير المفاهيم، تغيير المشاعر، وهذا يتم من خلال التوكل على الله تعالى، -والحمد لله تعالى- أنت قريبة من الله، فاسألي الله أن يعينك، وادعي بالرحمة والمغفرة لمن ماتوا، وأن يرحمنا ويرحمك إذا صرنا إلى ما صاروا إليه، وافهمي واعرفي واقتنعي أن الموت سنة من سنن الحياة، وقد قال الله تعالى: {الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا}، وإن طرأ على قلبك شيء من الحزن على من مات فهذا أمر جيد، وهذه رحمة في القلوب، لكن يجب ألا يتحول ذلك إلى خوف وإلى توتر، لا أبدا.
وعليك أن تسيري في الحياة بقوة، أن تقنعي نفسك بذلك، أن تكوني فعالة، أن تكوني شخصا مفيدا لأسرتك ولصديقاتك، وأن تقدمي الخير حتى تجديه، وأن يكون لك آمال وبرامج خاصة بعد الزواج، الاهتمام ببيتك، الاهتمام بزوجك، السعي دائما لتطوير النفس، هذا كله يخرجك من هذا الوضع الذي أنت فيه، وتذكري أن الله تعالى قد حباك بطاقات جميلة، أنت في بدايات سن الشباب، ولديك القوة، ولديك المشاعر الطيبة، فقط هي مدفونة، فأخرجيها من خلال تذكرها.
وأنصحك بأن تكوني بارة بوالديك، بر الوالدين ينزل على الإنسان الطمأنينة، ويسعد الإنسان في حياته ومماته.
هذا ما أنصحك به، وربما تحتاجين لدواء بسيط مثل عقار (سبرالكس)، والذي يسمى علميا (استالوبرام) دواء طيب، فاعل، ممتاز، سوف يساعدك، وأنت لا تحتاجين له لمدة طويلة، ابدئي بخمسة مليجرام -أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام-، تناوليها لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلي الجرعة حبة واحدة (عشرة مليجرام)، وهذه جرعة صغيرة وليست كبيرة، استمري عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضيها إلى نصف حبة يوميا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناول الدواء.
إن تيسر لك زيارة الطبيب النفسي فهذا لا بأس به، وإن لم يتيسر خذي بنصائحي التي ذكرتها لك، وتناولي الدواء الذي وصف لك، وإن شاء الله تعالى سوف يحدث تغيرا إيجابيا كبيرا في حياتك.
مرة أخرى: أسأل الله تعالى أن يوفقك ويسدد خطاك.