السؤال
السلام عليكم
إذا سمعت القرآن أنزعج، ولا أريد سماعه، وأشعر بضيق، وكأني مهمومة من شيء، وأكره سماع القرآن، والله إني ملتزمة بالصلوات المفروضة، والله يشهد علي، ولكن لا أعلم لماذا لا أحب سماع القرآن، أو قراءته، فقط أراجع حفظي للسور القصيرة!
عندما قلت لوالدتي هذا الكلام أتت بشيخ يقرأ علي، وقال: لا بأس، لا تشكي من تلبس جني أو شيء، فقط هي لم تتعود على سماع القرآن، وأتت بشيخ آخر، وقال، لا تشتكي من شيء، فقط فيها عين وحسد، وأعطاني زيتا وماء بهما قراءة، أشرب ماء وأدهن جسمي بالزيت.
ماذا أفعل؟ ولماذا أنا لا أحب أن أسمع القرآن، وأشعر بتعب واكتئاب، ورأسي يؤلمني، وأريد البكاء والصراخ؟ ما الذي أعاني منه؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نسرين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتي الكريمة- وردا على استشارتك أقول:
انشغال الإنسان بوسائل التواصل الحديثة، مثل (واتس أب، تويتر، فيس بوك، انستقرام، سناب شات) وغير ذلك، وسروره بالتواصل مع الزملاء يجعله لا يرغب في أي شيء آخر، سواء تلاوة القرآن أو استماعه، بل إنه إن كان من المصلين فإنه يتشاغل عن أداء السنن، ويكتفي بأداء الفرائض.
لا بد من ترتيب أوقاتك، وإعادة جدولتها بطريقة متدرجة ومتأنية، وبطريقة غير مفاجئة، بحيث تقللين من ساعات الجلوس مع وسائل التواصل بالتدريج.
أنصحك بأن تقرئي بعد كل صلاة صفحة واحدة فقط من المصحف، مع المداومة على ذلك، إلا أثناء الدورة الشهرية.
أنصحك بأن توثقي صلتك بربك، وتجتهدي في تقوية إيمانك، من خلال أداء الصلاة بعد الأذان مباشرة مع المحافظة على السنن القبلية والبعدية للصلوات.
حافظي على صلاة الوتر، والتي أقلها ركعة بعد صلاة العشاء، ولا حد لأكثرها، وأتمنى أن يكون لك عدد ثابت كخمس أو سبع ركعات.
إن قدرت على أربع ركعات في أول النهار ففيها أجر وغنيمة، كما ورد في الحديث القدسي، يقول الله تعالى: (يا ابن آدم صل لي في أول النهار أربعا أكفك بهن آخره).
أرشدك لصيام الثلاثة الأيام البيض من كل شهر عربي، وهي (13/14/15) فإن كنت قادرة على صيام الاثنين والخميس بدلا عن ذلك أو معها فذلك أفضل.
اقرئي في الكتب التي تتحدث عن عظمة الله مثل: كتاب العظمة، للشيخ الدكتور عائض القرني، وهو كتاب ملأه مصنفه بالنماذج التي تقرب لنا بالمثال عظمة الله سبحانه وتعالى، في ذاته، وصفاته، وأفعاله، وتدبيره، وخلقه، وألوهيته، وربوبيته، وجلاله، وجماله.
كذلك كتاب: العظمة في كل مكان، للباحث هارون يحيى، وهو كتاب متعمق في العلوم الطبيعية، يكشف فيه دقيق صنع الله عز وجل وخلقه، في الخلية، والفلك، والإنسان، والحيوان، والنبات.
كذلك، المجلد الثاني من كتاب " مفتاح دار السعادة " للعلامة ابن قيم الجوزية، فهو في معظمه مخصص للحديث عن التفكر في خلق الله، وآيات عظمته وبديع خلقه عز وجل، وقد أفاض ابن القيم رحمه الله في ضرب الأمثلة، وتنويع العبارة وفيض الأدلة، بأسلوب سهل ماتع.
ابتعدي قليلا عن التلفزيون والتنقل من قناة لأخرى، إن كنت ممن يهوى ذلك، حتى توجدي فراغا للتعبد والذكر.
إن تعمقت في حب الله تعالى فإنك ستحبين كلامه، وستحبين مناجاته من خلال قراءة كلامه واستماعه، وحافظي على ما ذكرته لك من تلاوة القرآن، مع المداومة على أذكار اليوم والليلة، ففي ذلك حرز لك من كل مكروه، وطمأنينة لقلبك، كما قال تعالى: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ۗ ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
إن وجدت حلاوة في تلاوة القرآن واستماعه فالحمد لله ذلك ما كنا نريد، وإن بقي الحال على ما هو عليه فأنت بحاجة لرقية شرعية فابحثوا عن راق أمين وثقة، من أجل أن يرقيك، وليكن ذلك بحضور أحد محارمك، فإن تبين أنك مصابة بشيء فداومي على الرقية حتى تبرئي بإذن الله تعالى.
نسأل الله تعالى لك التوفيق.