السؤال
السلام عليكم..
أشكر جميع القائمين على هذه المنصة المفيدة النافعة، جعله الله في ميزان حسناتكم.
تزوجت امرأة أجنبية، وفي البداية عارض أهلي وأهلها زواجنا، لأني عربي وهي تنتمي إلى إحدى دول الاتحاد السوفيتي، ولكن كل منا لم يلتفت إلى نصائح الأهل، وتزوجنا ورزقنا بطفلة هي بعمر سنتين، وخلال السنتين بدأت تحولات كثيرة تتكشف لدي، حيث بدأت المشاكل بيننا في أمور مختلفة، أهمها عدم تقديرها لي، حيث إذا غضبت تخرج من المنزل، وتدخن، ولا تأبه لإنذراتي المتكررة حول هذا السلوك، بل تطلب الطلاق دائما، وتقول: إن أهلها وأهلي كانوا على حق عندما قالوا إننا لن نتفق ونكمل حياتنا مع بعض.
معظم خلافاتنا حول عدم سماحي لها بالخروج بملابس غير محتشمة, نصحتها باتباع الدين الإسلامي، حيث أنها مسلمة ولا تعرف عن الإسلام سوى اليسير، وحاولت أكثر من مرة ولكن كانت ترفض كل محاولات النصح والإرشاد.
هي لا تطيعني في أمور حرمها الله، كشرب الخمر، حيث في البداية كنت أشرب الخمر معها، ولكن من الله علي بالهداية، وعندما طلبت منها التوقف رفضت, وصارت علاقتنا شبه منتهية وقريبة إلى الانفصال، ولكني أفكر في مصير ابنتي، حيث أنها صغيرة وأخاف عليها أن تتطبع بطباع أمها، وعندما طالبت بابنتي رفضت فكرة أن تعطيني ابنتي بعد انتهاء فترة الحضانة في حال حصول الطلاق!
حاولت كثيرا معها، ولكن طريقة تفكيرها تختلف كثيرا عني، حيث أنها لا تهتم بي كزوج له حقوق، حيث أنها ترفض أن أعاشرها في حال لم ترغب هي, ولا تحتشم إلا بعد حوار ومشادات طويلة, وتتجنب أهلي، وخاصة أمي، لأنها كانت معارضة للزواج بها، فكانت دائما تحاول عدم تواصلي مع أمي قدر المستطاع عن طريق عبثها الدائم، عندما تراني أكلم والدتي.
بما تم ذكره قررت طلاقها، ولكن ابنتي هي من تجعلني أعيد تفكيري كل مرة، فماذا يجب علي فعله؟
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فرج الله همك –أخي العزيز– ويسر أمرك وشرح صدرك وألهمك الخير والرشاد والحكمة والسداد.
لا حاجة إلى تأنيبك في عصيان أهلك, لا سيما في الزواج ممن تختلف معك في الثقافة والطباع والأخلاق, ذلك لأن الرسول صلى الله عليه وسلم اشترط في معيار الزوج: الدين والخلق, فقال: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه وفي رواية: والأمانة فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) فالفتنة والفساد الكبير متعلقان بترك معياري الدين والخلق في الزوج, ويقاس عليه الزوجة, ولاحظ عدم اكتفاء الحديث بالدين حتى ضم إليه الخلق أيضا، الأمر الذي ينبغي أن نأخذ منه الدرس والعبرة في حياتنا.
إذا كنت قد استفرغت وسعك وبذلت جهدك في نصيحتها ودعوتها كما ذكرت, ورأيت في بقائها معك ما يكدر نفسيتك وصفو حياتك وسعادتك ودينك ويسيء إلى سمعتك وعرضك وشرف وكرامة أهلك, فلا مانع من طلاقها، بل قد يكون ذلك مستحبا أو واجبا بحسب المصلحة والمفسدة، وقد رغب تعالى بالطلاق إذا كثر الشقاق وتعذر الوفاق في قوله سبحانه: (وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما).
احرص على طلب حق حضانة ابنتك بالصورة الشرعية والقانونية, كإثبات أنك الأحظ والأحق بها لفضل رعايتك وعنايتك الأخلاقية، بدليل بعدك عن التدخين والمسكرات ونحو ذلك.
شريعتنا الإسلامية تضمن لك حق الحضانة في مثل هذه الحجة، إذ مبنى الحضانة على مصلحة الطفل في دينه ودنياه.
أما إذا تعذرت حضانتك لابنتك لأي سبب من الأسباب, كما لو كنتم تعيشون في بلاد أجنبية مثلا, فوكل أمرك إلى الله ربك سبحانه، واعلم بأنه لن يضيعك ما دمت غير مضيع لحقوقه وحدوده سبحانه وتعالى (وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا) مع ضرورة الحرص على التواصل مع ابنتك هاتفيا أو من خلال من تثق به، أعانك الله.
أوصيك بالاستخارة لله تعالى والدعاء له بتضرع وخشية، متحريا أوقات الإجابة، (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما).
من خير ما يعين على عبادات الصبر على البلاء والرضا بالقضاء: استحضار شكر الله على جميل إحسانه والنعماء، وتوقع قرب الفرج والثقة وحسن الظن به واحتساب الثواب والجزاء يوم اللقاء.
احرص في صرف ومدافعة الهم والحزن واستجلاب الخير ودفع الضر بتنمية الإيمان بطلب العلم النافع، والإكثار من العمل الصالح، وذكر الله سبحانه وقراءة القرآن، ولزوم الصحبة الطيبة ومزاولة الرياضة والقراءة، ومتابعة المحاضرات والبرامج المفيدة.
أسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير، ويرزقك الزوجة الصالحة، ويحفظك في ابنتك بخير، ويرزقك سعادة الدنيا والآخرة.