لا أستطيع أن أتمالك نفسي عندما يخطئ أبنائي خوفا عليهم، فما توجيهكم؟

0 279

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نعيش يوميا مجاهدة مع أبنائنا في تحصينهم من تدفق الانترنت وإبعادهم عن رفقاء السوء، فالأولاد منهمكون في اللعب بهذه الوسائل ولا يبالون بالدراسة، ولا يحضرون للامتحانات.

شغوفنا بفلذة أكبادنا والحرص عليهم والاهتمام بهم يفقدنا التحكم في أنفسنا، فنضطر بدل ضربهم والتعنت معهم إلى تكسير أدوات غالية ونافعة كالهاتف أو طابلات لردعهم وتخويفهم، وبعد أن تهدأ الأجواء نلوم أنفسنا ونتحسر على هذه الممارسات، ونعترف في قرارة أنفسنا أنها سلوكيات ليس من شيمتنا ولا تمد صلة لشخصنا بهذا العمل، ومن جهة نقنع ذاتنا بأن ما قمنا به هو الأجدر والأحق، فبدل أن أضرب ابني أو أتسبب في ما لا يحمد عقباه -لا قدر الله- فأخسر الوسيلة وأعوضها، أخير بكثير من أن أشوه وجه فلذة كبدي.

نظريا الأمر لا يستدعي كل هذا، ولكن واقعنا أصبح مخيفا جدا، وما نراه في حياتنا اليومية وما نسمعه من انتحار للأطفال بسبب الانترنت فالقضية ليست بالهينة!

ما نصيحتكم وإرشاداتكم لنا ولأبنائنا؟

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سعيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فتربية الأولاد مسؤولية عظيمة على الوالدين، وتزداد أهميتها في هذا العصر، الذي أصبح فيه العالم قرية واحدة، بسبب تقدم التقنية ووسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وتقدم الأجهزه الذكية، وما تحمله هذه الوسائل من أساليب ما كرة في إفساد الناشئة وهدم الأخلاق الحسنة، بل إن الإدمان عليها يسبب سلوكا نفسيا سيئا، ويقضي على كثير من القدرات.

والواجب على الوالدين استخدام أحسن الوسائل وأنجحها في التربية، وتنويع الأساليب وعدم الاقتصار على أسلوب واحد.

واستخدام أسلوب الإقناع والحوار معهم بدلا عن أسلوب المنع والحرمان والضرب أو تكسير الأجهزة وإتلافها وقت الغضب ثم العودة لشرائها مرة أخرى! فهذا الأسلوب غير مناسب، وأثره التربوي عكسي على الأولاد.

وإليك -أخي العزيز- مجموعة من النصائح لعلها تساعدك في التعامل الأمثل مع أولادك، وتحسين سلوكهم:
1- إرشاد الأولاد إلى استخدام هذه الأجهزة فيما يعود عليهم بالنفع في الدنيا والآخرة، واختيار لهم البرامج المفيدة.

2- تحديد وقت مناسب وكافي لاستخدامها وتحذيرهم من إضاعة الأوقات والأعمار في هذه الأجهزة، والاتفاق معهم على ذلك، فتقليل وقت مكث الأولاد أمام هذه الوسائل دون رقيب مطلوب، بحيث يقلص الزمن بالتدريج، ويمنع السهر عليها بعد ساعة محددة.

3- أن تكون هذه الأجهزة والاطلاع عليها في مكان اجتماع الأسرة، بحيث لا يخلو بها الولد بمفرده في مأمن عن غيره، فمن الضروري أن يشاهد الجميع الوالدان والأبناء، الكبار والصغار، وإلا أصبحوا هدفا سهل المنال لتلك البرامج المخلة بالدين والأخلاق.

4- التربية للأولاد بالقدوة الحسنة، فهي من أهم مرتكزات التربية الصحيحة، فيجب على الوالدين أن يعلما الأبناء ويطبقا في الوقت نفسه، فلا يسبب تناقض الوالدين ازدواجية في التربية عند الأولاد.

5- غرس مراقبة الله تعالى في نفوس الأولاد بتعظيم الله في نفوسهم، وأنه مطلع عليهم، ففي تركه النظر إلى هذه المحرمات سيزداد قربا من الله، وتوفيقا وسدادا وهداية منه سبحانه، وعلى العكس من ذلك فإنه سيزداد بعدا من الله، وحرمانا من التوفيق والسداد والهداية، ونكدا وهما وحزنا فإن للمعصية شؤما في الحياة وبعد الممات، وتذكيرهم بالجنة ونعيمها والنار وعذابها، مما يساهم بابتعاد الأولاد تلقائيا عن هذه الأمور لكي لا يحرموا هذا النعيم، أو ينالوا ذلك العذاب.

6- فتح مجال من الحرية المنضبطة المرشدة؛ فربما بالتضييق المتعسف على الأولاد يسعون للخلاص من الوالدين ويتهمونهما بالسيطرة والانغلاق، فلا بد من بناء جسور للتواصل معهم، وإشعارهم بأهميتهم وقدرتهم على اتخاذ القرار الصحيح.

7- تقديم البدائل المباحة المفيدة لهم، فليس من المستحسن منعهم من شيء تهواه نفوسهم، وتركهم من غير بديل عنه، كما أنه لا ينبغي إغفال وسائل الترفيه الأخرى فالخروج من المنزل للتسوق، أو النزهة، أو اللعب الجماعي وغيرها، له أثره الإيجابي في قلة الالتصاق بهذه الوسائل، وتقليل حجم تأثرها السلبي.

8- الدعاء والتضرع إلى الله تعالى بصلاحهم وهدايتهم فهو من أنجح الوسائل وأعظمها نفعا في تربية الأولاد.

9- إشراكهم في برامج جماعية آمنة مع من هو في سنهم، وتشجيعهم عليها واستغلال فراغهم فيها، مثل:

حلقات التحفيظ، والنوادي الثقافية والرياضية ونحوها.

وفقك الله لما يحب ويرضى.

مواد ذات صلة

الاستشارات