السؤال
السلام عليكم..
جزاكم الله خيرا على هذا الموقع المفيد.
أنا شاب بلغت الـ 34 من العمر، منذ 5 سنوات وأنا في بحث مستمر عن زوجة صالحة فيها المواصفات التالية: صالحة، وقوية في دينها (لأني أحلم أن تكون لي ذرية صالحة متفقهة في دينها تنهض بأمتها)، ثم أن تكون مقبولة الشكل والجمال.
أنا متطوع في إحدى الجمعيات الخيرية، وهناك رأيت فتاة في 24 من العمر، ظهر لي حسن أخلاقها، ورزانة عقلها، مقبولة في وجهها، لكن ضعيفة البنية الجسدية وقصيرة القامة، عزمت على أن أكلمها حتى أعرف تدينها، وفعلت وكلمتها على الهاتف، وأخبرتها برغبتي في التعرف على عقليتها وتفكيرها بهدف الزواج، وطلبت منها أن تخبر والديها حتى يكونوا على علم إذا ما تكلمنا في الهاتف، وفي أحد الأيام ( وهذا كله في ظرف شهر)، قابلتها في مكان عام، والله يعلم أن نيتي فقط رؤيتها مباشرة ومعرفة تدينها، بعد أخذ الورد، وفي آخر اللقاء استخلصت ما يلي: أنها ضعيفة التدين، والتفقه في الدين ليس من اهتماماتها، أحسست أن رؤيتها فيما يخص الزواج غير واضحة، ضعيفة وقصيرة في بنيتها، ولم أشعر بانجذاب تجاهها.
لكن فيها صفات جيدة: طيبة الأخلاق، بشوشة في وجهها، وتحب العمل الجماعي، وللعلم فهي تصلي وتضع الحجاب، ومؤخرا انضمت إلى مجموعة نساء لحفظ القرآن في المسجد.
أنا الآن في حيرة من أمري، فهي ليست قوية في دينها كما أتمنى، ثم هي ضعيفة البنية وقصيرة رغم أنها مقبولة في وجهها.
أفيدوني جزاكم الله خيرا، هل أصارحها بعدم ميلي لها أم أتقدم لخطبتها؟ مع خوفي أنها لن تساعدني في غض بصري وشهوتي، وأخاف أن أظلمها معي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الحسين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك –أخي العزيز– وأشكر لك تواصلك, وأسأله تعالى أن ييسر أمرك ويشرح للخير صدرك ويجعل لك من أمرك فرجا ومخرجا.
- بخصوص عدم ارتياحك لتدين وتفقه خطيبتك في الدين، وعدم انجذابك إليها بسبب ضعفها وقصرها رغم إعجابك بطيبتها وبشاشتها وحجابها وصلاتها ونحوه, فلا يخفاك أن أمر الزواج عظيم لتحقيق مقاصده العظيمة في تحصيل العفة، وغض البصر، وإحصان الفرج، والسكن النفسي والمودة والرحمة بين الزوجين, كما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة الصحيحة, مما يلزم معه ضرورة الارتياح النفسي قبل الإقدام على هذا الأمر المفصلي والخطير والمؤثر على حاضر ومستقبل الزوجين.
- ولاشك أن مقصد توفر الجمال المقبول لدى الزوج من المقاصد الشرعية سابقة الذكر والواردة في قوله صلى الله عليه وسلم: (فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج), وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد النظر وصوبه في امرأة وهبت نفسها له للزواج منها, مما يدل على مراعاته صلى الله عليه وسلم للجمال, كما أن أمره للخاطب في النظر إلى المخطوبة وتعليله بأنه (أحرى أن يؤدم بينهما) أي تحقيق دوام المودة بين الزوجين, دليل على أهمية الجمال, ومع أن جمال الدين والخلق والأمانة أهم عناصر الجمال إلا أن ذلك لا يتنافى مع طلب جمال الشكل والصورة في حق من يحرص عليهما وتعظم رغبته فيهما, وأنت أدرى الناس بمدى اهتمامك وتركيزك على هذا الجانب.
- أوصيك بالدعاء وبالاستخارة والاستشارة, فإن اطمأن قلبك إلى فسخ الخطبة, فينبغي أن يكون الفسخ بالأسلوب المناسب حتى تكون الصدمة عليها أخف, كالاعتذار بما لا يجرح كرامتها وأنوثتها ومشاعرها أو يخفف من هذا الجرح ما أمكن, وذلك وأن تقدم الأعذار المناسبة كالاعتذار بالظروف المادية أو النفسية أو العائلية مع الثناء عليها وبيان الإعجاب بها أو استعمال المعاريض والتورية, وفي الحديث (إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب), كما فعل إبراهيم عليه السلام في قوله لقومه: (إني سقيم), وفي قوله حين هدم الأصنام: (بل فعله كبيرهم هذا), ومعنى التورية: أن يكون الكلام له معنيان, تقصد أنت معنى وتفهمهم معنى آخر مقبولا عندهم, هذا مع ضرورة المحافظة على سرية أمرك وحسن تعاملك مع ضرورة جبر الخاطر بالهدية ونحوها ومراعاة المشاعر.
- لاشك أن الحسم في قرار عدم الإقدام على هذا الزواج أقل مفسدة من مفارقتها بعده ؛ لأن زواجك مع عظم ارتياحك لها مظنة لظلمها – كما ذكرت – ولعدم استقرار العلاقة الزوجية والعاطفية, وهو يتنافى مع مقصود النكاح في طلب العفة وغض البصر والسكن النفسي والمودة والرحمة, أو لطلاقها إن عاجلا أو آجلا, فلا تجرح مشاعرها بطلاقك منها بعد زواجك لها وأنت كاره, فاتركها بلطف ورفق وحكمة, وعسى أن يجد كل منكما من يأنس به ويطمئن له, فمازلتما في البر كما يقال, قال تعالى: (وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما), وأنت – ولاشك – أدرى الناس بخطيبتك, وقدرتك على التعايش معها والانسجام لها والاقتناع بها.
- أكرر النصيحة بضرورة الاستخارة والدعاء, وأسأله الله تعالى أن يلهمك رشدك ويختار لك ما فيه الخير والصواب والهدى والبركة والرشاد, وأن يرزقك الزوجة الصالحة والحياة السعيدة.