السؤال
السلام عليكم
أرجوكم أجيبوا عن سؤالي بسرعة، هذه الأيام أصبحت أفتن بالملتزمين، وكل ما رأيت ملتزما أفتن به، أحاول أن أغض بصري، ولا أنظر -والحمد لله- أستطيع ذلك إلا أن أستاذي ملتزم، وهذا يجعلني أتمني أن يكون أبي فأبي ليس مثله، وهو تقريبا بعمر أبي أصبحت أفكر به كثيرا، والمشكلة أني أراه كثيرا؛ لأنه يدرسني، وهو ما يجعلني أنظر إليه فقط لغايات الدراسة، يعني وهو يشرح فقط، وإذا أحس أني أنظر لشكله أصرف نظري ما استطعت؛ ولأنه ملتح واللحية أصبحت تفتنني بالملتزمين! ومع ذلك عندما أرى شخصا غير ملتزم، وإن كان ملتحيا لا أكترث به أبدا، وأنا لا أريد أن أكترث لأحد، أشعر بأن قلبي قاس، ولا أعلم ما الحل؟
أريد أن أفعل أي شيء، فقط لا يقسو قلبي، أرجوكم دلوني.
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة / سالي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فقد أمر الله المؤمنين والمؤمنات بغض البصر وحفظ الفرج فقال سبحانه: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون* وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن .....﴾.[النور: 30-31]؛ لأن النظر بريد إلى الزنى وبسببه يحصل الإعجاب والعشق المحرم والعياذ بالله.
وما تعانين منه هو إعجاب بنوع من الرجال وهم الملتزمون سببه تدقيق النظر بمدرسك الملتزم، والذي رسمت صورته كملتزم في مخيلتك فصار كل من يشبهه يعجبك! وهذا نوع من العشق المحرم للصور والأشخاص، يجب عليك دفعه بالتعلق بالله وحبه وتعظيم أمره والشوق إلى لقائه، يقول ابن القيم رحمه الله: ( عشق الصور إنما تبتلى به القلوب الفارغة من محبة الله تعالى المعرضة عنه المتعوضة بغيره، إذا امتلأ القلب من محبة الله والشوق إلى لقائه دفع ذلك عنه مرض العشق بالصور، ولهذا قال الله تعالى في حق يوسف عليه السلام: ((ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين))[يوسف:24]، فدل على أن الإخلاص سبب لدفع العشق وما يترتب عليه من السوء والفحشاء التي هي ثمرة العشق ونتيجته).
فعليك أن تحاولي اقتلاع هذا العشق من قلبك أو تخفيفه رويدا رويدا، وهذا بإمكانك -إن شاء الله تعالى- إذا علمت كيفية العلاج، فالعلماء يقولون: العشق مركب من أمرين: الأمر الأول: الاستحسان للمعشوق – يعني استحسان الصورة التي رأيتها وإعجابك بها مما يؤدي إلى تعلقك بها .
والأمر الثاني: الطمع في الوصول إلى هذا المعشوق، فإذا اجتمع الأمران حصل العشق، وإذا انتفى أحد الأمرين انتفى العشق بعد ذلك.
أما الأمر الثاني وهو الطمع في الوصول إلى هذا المعشوق، فهذا أمر أنت أدرى به منا في مدى إمكانيته لديك، فإذا كنت قادرة على الزواج بذلك المدرس، فهذا ينبغي أن تفعليه بالحلال، وتتخذي الوسائل المباحة في تحقيقه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث: (لم ير للمتحابين مثل النكاح) فإذا قدر الإنسان على أن يتزوج من يحب وتعلق به، فهذا علاج أكيد لهذا العشق، والزواج خير وسيلة يقي بها الإنسان نفسه من الوقوع فيما وراء هذا التعلق، ويمكن أن تتعرفي بقريباته ومحارمه من النساء مثلا وتظهري لهن اهتمامك به؛ لعله أن يعجبه ذلك فيقوم بخطبتك.
وإن تعذر الزواج منه لسبب أو لآخر، فالواجب عليك التوبة من هذا الأمر بالإقلاع عنه وقطع كل سبب يوصل إليه.
ومن ذلك ابتعادك تماما عن النظر والتفكير في مدرسك الملتزم مهما كان عمره وتدينه؛ فإن الشيطان حريص على الفتنة ويدعو إليها بالتدرج.
وإياك أن يضلك الشيطان بشبهه فيصور لك أن غضك لبصرك، وبعدك من الرجال، وعدم الاكتراث بهم نوع من قسوة القلب حتى يدفعك للتأثر بهم والتعلق بهم، بل ما تسميه (عدم اكتراث بالرجال وقسوة قلب) هو الموقف المطلوب من المرأة عند تعاملها مع الرجال الأجانب؛ حتى تسلم من الفتنة بهم ويسلموا من الفتنة بها، فإن من أعظم أسباب افتتنان النساء بالرجال والرجال بالنساء هو تبادل المشاعر والأحاسيس، وكثرة التواصل وتدقيق نظر بعضهم إلى بعض بدون ضوابط؛ لأن الله فطر كلا من المرأة والرجل على الميل إلى بعضهما ليتم الزواج والمحبة والعشرة، ولكنه جعل لذلك ضوابط شرعية حتى لا تكون العلاقة محرمة، وعليه فخلاصة الحل لمشكلتك هو: غض البصر وعدم التدقيق في الرجال وخاصة الذين تعجبين بهم وتفتتنين منهم.
والتوبة من إعجابك بمدرسك وقطع الإعجاب والتواصل والنظر إليه ولو استدعى ذلك إلى الانتقال من المدرسة التي هو فيها إلى مدرسة أخرى.
اعتبار موقفك من الرجال الآخرين وعدم الاكتراث بهم حالة صحية، وليست مرضية فاستمري عليها حتى لا تصابي بالإعجاب بهم.
عليك بالدعاء والتضرع إلى الله سبحانه أن يعصمك من الزلل وأن يقيك شر الفتن.
وفقك الله لما يحب ويرضى.