غيرتي على زوجي من زميلاته في العمل ستهدم بيتي، فكيف أتصرف؟

0 624

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جزاكم الله خيرا، ونفع بكم، استفدنا كثيرا من موقعكم، كلما يكون عندي استفسار أهرع للبحث في الموقع.

مشكلتي هي الغيرة الزائدة على زوجي، هذه المشكلة تؤرقني، لأنه كثيرا ما يجعلني مكتئبة وأبكي، زوجي يشتغل مع نساء، بعضهن متبرجات بشكل سافر، هو يقول أنه يحادثهن في حدود العمل فقط، حتى وإن كنت أثق بزوجي إلا أني لا أثق بالطرف الآخر؛ لأن بعضهن متحررات بشكل كبير لا يتورعن في الحديث والضحك مع الرجال.

أخاف أن يفتن بهن، لأنه لا بد وأن ينظر إليهن، خاصة وإنهم أحيانا يقومون بإنجاز عمل يضطره لعقد اجتماعات مطولة مع فريق مكون من 6 أشخاص على الأكثر بينهن نساء، وأصبح هذا عندي مثل الفوبيا، لأني سمعت قصصا كثيرة من نساء حولي تخلى أزواجهن عنهن بعد أن كانوا يعيشون قصة حب جميلة، والزوجة لم تقصر في شيء.

والمشكلة الثانية حين يلتقي بأقاربه، ويضطر للجلوس مع المتبرجات، وتناول الطعام معهن، بحثت في الموقع، وقرأت أن هذا لا يجوز، لكن يقول لي: لا أستطيع أن أمتنع، وهذا من الضرورة.

أرجوكم ساعدوني، كيف أستطيع أن أتجنب هذه الغيرة؟ لأني حاولت كثيرا لكن فوق طاقتي، ولا أريد أن أخسر زوجي، لأنه في كل مرة يقول لي مللت من هذا الموضوع، وأنا أعرف ما بيني وبين ربي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مسلمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

- بارك الله فيك – أختي العزيزة – وأشكر لك تواصلك مع الموقع، سائلا الله تعالى أن يفرج همك وييسر أمرك ويشرح صدرك ويلهمك الصبر والحكمة والسداد والصواب والهدى والرشاد.

- بخصوص شكواك من غيرتك المفرطة على زوجك نتيجة تواصله مع زميلاته والنساء من أهله المتبرجات، فلا شك أن لك كامل العذر في ذلك؛ كون ما ذكرتيه من تواصل يخالف مقتضى الشرع في التزام غض البصر والحياء والآداب والتعاليم الإسلامية، هذا من جهة، إلا أن الواجب عليك - من جهة أخرى – المحافظة على حقوق زوجك والتعامل بما يحفظ مقاصد الشرع في النكاح المذكورة في قوله تعالى: (أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة), والتعامل بمقتضى الأخلاق الإسلامية وبموجب حسن الظن بزوجك, والحذر من اتهامه والإساءة إليه وإيذائه وتقديم بعض العذر له, ونصيحته بمقتضى اللطف والرأفة والحكمة والصبر والحلم وحسن العشرة الزوجية, والحرص على تنمية الإيمان لديه بمشاركته طلب العلم النافع والعمل الصالح، ولزوم ذكر الله تعالى والطاعات والدعاء والصحبة الصالحة وطاعة الله تعالى وقراءة القرآن.

- ولا يخفى أن الغيرة إحساس طبيعي وفطرة بشرية وظاهرة صحية مبعثها الحب للشيء والأنانية والتنافس, لكنها نوعان, فنوع ممدوح محمود, وهي الغيرة المعتدلة والمنضبط بضوابط الشرع والأخلاق, كالحرص على حدود الله تعالى ومحارمه من التعدي عليها والتجاوز لها (تلك حدود الله فلا تعتدوها), كغيرة المسلم على مصالح الدين وحقوق الناس في أعراضهم وأموالهم وأنفسهم, وفي إخلالهم بعبودية الله وطاعته, ووقوعهم في الفواحش والمحرمات, ومثل هذه الغيرة المحمودة يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله ليغار, وغيرة الله أن يأتي المرء ما حرم الله عليه) متفق عليه, وقال أيضا: (أتعجبون غيرة سعد؟ فوالله إني لأغير من سعد, وإن الله تعالى أغير مني) متفق عليه.

- ونوع من الغيرة مذموم صاحبه, وهو الذي يكون دافعه المبالغة والإفراط في الأنانية والظنون وحب الاستحواذ والتملك للآخرين, وهذا النوع كثيرا ما تكون له آثار سلبية وعواقب وخيمة، حيث يفضي إلى سوء الظن بالآخرين واتهامهم وإيذائهم والإضرار بهم والإساءة إليهم وإلى العداوة والتفكك الأسري، حيث يكدر العلاقة الزوجية والاجتماعية ويعكر صفوها.

- ولما كان هذا النوع نوعا من المرض النفسي يؤدي بصاحبه إلى القلق والإحباط وعدم الشعور بالأمان والسعادة في نفسه ولمن حوله, حيث أن مبعثه لديك واضح, ويغلب على زوجك عدم القصد إليه, كما يصعب عليه التخلص منه إلا بتوفيق الله تعالى، ومجاهدة النفس على عدم اعتبار العرف والالتزامات الاجتماعية السائدة المخالفة لللشرع الحنيف.

ولذلك فإن الواجب من جهتك – أختي العزيزة – إزاء غيرة زوجك حفاظا على العشرة والحقوق الزوجية التالي:

1- التعامل بصبر ومحبة وحلم وهدوء ورحمة وعدل وأدب وحكمة, والدخول مع زوجك في حوار صريح وواضح عن دوافع هذه الغيرة ومبرراتها, وبيان الحكم الشرعي له بهدوء ورفق, والاستعانة إن لزم الأمر بمن تأنسين منهم الثقة والأمانة والمروءة والحكمة في إقناعه والتأثير عليه والقبول لديه, حيث إن معرفة دوافع هذه الغيرة يمكنك على الحرص على تجنب إثارتها ما أمكن مما يسهم في التخفيف من حدتها أو إخمادها بإذن الله تعالى.

2- كما ينبغي إقناع زوجك بوضعه غير الشرعي وغير الطبيعي وتغيير نمط حياته ليتوافق مع تعاليم الشرع من غير إخلال بواجبات العمل والعرف الصحيح, والتحلي بالقدرة على السيطرة على إدارة نفسه, وتذكيره بخطورة هذا المنكر والمخالف للشرع وضرورة سد الذرائع المؤدية إلى عواقبه الوخيمة, قال تعالى: (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا), ولا مانع من الحوار والعمل مع النساء مع الالتزام بالضوابط الشرعية.

3- كما وأنصحك بإشغال نفسك بالعمل أو التنزه أو الرياضة، والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية المختلفة، وزيارة الأهل والأصدقاء، والخروج إلى المجتمع للتنفيس عن مشاعر الغيرة وصرفها ومدافعتها.

4- أؤكد عليك بضرورة لزوم الصبر والتحمل وحسن الظن بالله تعالى والثقة بالنفس, وحسن المعاملة لزوجك ومراعاة غيرته والحذر من الوقوع في إثارتها ما أمكن, واللجوء إلى الله تعالى بالدعاء أن يحفظكما ويسلمكما من كل سوء ومكروه ويجمع بينكما على خير ويرزقكما الذرية الصالحة والحياة السعيدة والمطمئنة, اللهم آمين.

والله الموفق والمستعان.

مواد ذات صلة

الاستشارات