السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة متزوجة، أبلغ من العمر 24 سنة، ولدي 3 أطفال، يأتيني شعور غريب جدا من عدم الشعور بالواقع، ولا أحس بنفسي، وكأني شخص غير عن الذي كنت عليه، ولا أستطيع النظر إلى المرآة، فأول ما أرى نفسي في المرآة أحس بشعور غريب يقول لي: من أنت؟ وكأني أرى نفسي لأول مرة، وأفقد السيطرة على نفسي.
يأتيني شعور بأني لا أعرف نفسي، على الرغم من أني أتذكر كل مواقف حياتي، وفي داخلي أعرف نفسي، إلا أن هذا الشعور يسيطر علي كثيرا طوال الوقت، وكأني غير موجودة بين عائلتي.
لا أستطيع القيام بأي عمل، فطوال الوقت أحس بخمول وكسل وتعب وثقل في الرأس وحرقة في جسمي، وأحس بفراغ في عقلي، وشعور غريب وكأني عبارة عن شخصين في نفس الوقت، وكأني منفصلة عن نفسي ولا أعرفها.
لا أحس بوجودي، وأستغرب من جميع ما يمر علي، حتى اسمي وشكلي أستغرب منه، أحس بعدم الاستقرار والخوف من كل شيء، وتشويش في الأفكار، وضبابية في الرؤية، وأحس بأني أفقد السيطرة على نفسي في أي وقت، ورغبة كبيرة في البكاء، وضيق في الصدر.
أكثر ما يتعبني هو عدم شعوري بالواقع، وعدم شعوري بنفسي، وكأني غير موجودة في العالم، وأحس بأني أصبحت إنسانة أخرى متغيرة تماما عما كنت عليه، وأسأل نفسي من أنا؟ وأنظر إلى شكلي باستغراب كبير، وأحس بأني سأفقد عقلي من هذا الشعور الذي يأتيني، فهو مستمر معي طوال اليوم من أول الصباح إلى آخر الليل.
فأنا لا أعرف ما هذه الحالة التي تمر علي، وأرغب في أن يرجع لي شعوري الذي كنت عليه قبل هذه الحالة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ورد الجوري حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله لك العافية والشفاء.
وصفك لحالتك جيد ودقيق، وعدم الشعور بالواقع أو الإحساس بالذات أو التغرب عن الذات يسمى باضطراب الأنية، وهو مرتبط بالقلق النفسي، وألاحظ أيضا أنه لديك بعض الوساوس، وقطعا الشعور بالإنهاك والإجهاد هذا قد يكون مصاحبا للقلق، لكن أنصحك بأن تذهبي وتقابلي الطبيب، طبيب الأسرة مثلا، أو حتى الطبيب النفسي؛ لتقومي بإجراء فحوصات عامة، وعلى وجه الخصوص تتأكدي من مستوى الدم لديك، مستوى وظائف الغدة الدرقية، وظائف الكلى، الكبد، مستوى الدهنيات، مستوى فيتامين ب 12، فيتامين (د)، هذه فحوصات أساسية جدا لتتأكدي من صحتك الجسدية.
وجود البكاء والضيق في الصدر يؤكد حقيقة وجود القلق، فإذا أنا أعتبر أن حالتك قلقية وسواسية مع اضطراب في الأنية، وإن شاء الله- حالة ليست صعبة، بعد أن تتأكدي من سلامة الفحوصات الطبية إن ذهبت وقابلت الطبيب النفسي كما ذكرت لك، هذا سوف يكون أمرا جيدا، وإن لم تستطيعي فأريدك أن تكثفي ممارسة التمارين الرياضية، والتمارين الاسترخائية، هذه تجدد طاقاتك وتربطك بالواقع تدريجيا، إسلام ويب أعدة استشارة رقمها: (2136015) أوضحنا فيها كيفية ممارسة تمارين الاسترخاء.
الأمر الثاني: هو أن تحرصي على حسن إدارة الوقت، وتخطيطك لإدارة الوقت يجب أن يشمل النوم الليلي المبكر، وتجنب النوم النهاري، وأن تكون لك أنشطة متعددة في أثناء اليوم، وأنت -الحمد-لله تعالى- متزوجة ولديك ثلاثة أطفال، وعليك مسؤوليات منزلية كثيرة، وهذا يجب أن يكون ممتعا بالنسبة لك، ويجب أن تكوني شخصا فعالا، تجاهلي هذه المشاعر بقدر المستطاع، وحين تزيدي من فعالياتك وتفكيرك الإيجابي وإصرارك على أن تكوني نافعة لنفسك ولأسرتك ولغيرك هذا ينقلك إلى وضع إيجابي جدا حول استشعارك لنفسك.
أيتها الفاضلة الكريمة: الحرص على أذكار النوم، والصلاة في وقتها، وتلاوة شيء من القرآن، وأذكار الصباح والمساء أنا أعتبرها أقل ضرورية يجب أن يلتزم بها الإنسان المسلم؛ لأنها تفيد في زوال الأعراض النفسية والقلق والتوتر، وتعطينا الشعور بالطمأنينة والأمان، قصدت فقط أن أنصحك في هذا السياق، وأعرف أنه -إن شاء الله تعالى- فيك خيرا كثيرا.
أنت سوف تستفيدين من أحد الأدوية المضادة للقلق وللوسواس والخوف، وعقار سيرترالين، والذي يسمى زوالفت بجرعة صغيرة سيكون مفيدا جدا لك، وأكرر مرة أخرى إن تمكنت من الذهاب إلى الطبيب النفسي هذا أفضل، وإذا لم تتمكني يمكنك أن تتناولي الزوالفت كتجربة علاجية، أتمنى أن تكون إيجابية، وإن لم تتحسني عليه هنا ذهابك إلى الطبيب سيكون أمرا ضروريا، ومع الدواء يجب أن تطبقي ما ذكرته لك من إرشاد، جرعة الزوالفت تبدئي بنصف حبة ليلا أي 25 مليجراما لمدة 10 أيام، ثم اجعليها حبة واحدة ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقفي عن تناول الدواء.
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.