السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع أنه لا أعرف سبب عدم توفيقي لغاية الآن في إيجاد عروسة حيث أنه قمت برؤية العديد من البنات، ولكن المشكلة هي أن البنات اللاتي يعحبنني لا أعجبهن، واللاتي أعجبهن، لا يعجبنني، ليس لسبب غير جيد ولكن نفسيتي لا ترتضيهن للأسف، وأنا لا أنظر إلى بنت كاملة فالكمال لله وحده، حيث إني أريد فتاة عادية محترمة خلوقة متعلمة دينة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ بشار حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك ويلهمنا جميعا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا!
فإن الإمام أحمد رحمه الله لما أراد أن يتزوج أرسل من تخطب له من قريباته فرجعت وقالت للإمام أحمد وجدت فتاتين إحداهما بارعة الجمال متوسطة الدين، والثانية متينة الدين متوسطة الجمال، فقال رحمه الله: أريد صاحبة الدين، فعاش معها في أطيب عيش وماتت بعد ثلاثين سنة، فقال رحمه الله: (والله ما اختلفنا في مسألة).
فعليك بصاحبة الدين تربت يداك، واعلم أن كل نقص وخلل يمكن أن يقبل ويسهل علاجه إلا نقص الدين، وأحسن من قال:-
وكل كسر فإن الدين يجبره *** وليس لكسر قناة الدين جبران
فإذا كان النفور لسبب شرعي وإلا فلا عبرة به؛ لأن ناحية الجمال نسبية، ولا يخلو إنسان من عيوب، وإذا كنت تعرف أن الكمال لله وحده، فلابد من تقديم تنازلات ولو يسيرة، وعليك أن تسدد وتقارب، وإذا وجدت فتاة فعليك بصلاة الاستخارة ثم شاور الصالحين من عباد الله، ولن يندم من يستخير ربه الذي بيده الخير، ثم يشاور أهل الخبرة والصلاح والدين من المؤمنين.
وأرجو أن تعرف أنه ليس من المصلحة كثرة التردد، وربما تمتنع النساء من القبول بك إذا سرت على هذا الطريق، فكل فتاة ترفض أن يتركها الشباب بعد رؤيتها، والإنسان لا يرضى هذا لأخواته فكيف يفعله في بنات المسلمين، فلا تتردد كثيرا حتى لا يعرف عنك هذا السلوك فتنفر منك النساء.
وأرجو أن تحرص على أن تغض بصرك، فإن من آثار إطلاق البصر أن يرى الإنسان ما لا قدرة له عليه ولا صبر له عنه، وأنت في آخر المطاف سوف تتزوج بفتاة واحدة، وليس كل النساء، وأحسن من قال:-
فإنك متى أطلقت طرفك رائدا *** لقلبك أتعبتك المناظر
رأيت الذي لا كله أنت قادر *** عليه ولا عن بعضه أنت صابر
ولا داعي للقلق، فالأمر عادي وسوف يأتيك ما قدره لك رب العزة والجلال، وعليك بترك التردد، وإذا عزمت فتوكل على الله، واعلم أن الإنسان فيه عيوب وإيجابيات (وكفى بالمرء نبلا أن تعد معايبه)؛ ولذلك قال عليه صلاة الله وسلامه: (ولا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر)، فإذا كان هذا التوجه النبوي الشريف رائدا لك، فسوف تصل وتسعد في حياتك.
وأذكرك بضرورة أن تحفظ لسانك عن أعراض المسلمات، إذا لم تصلح إحداهن لك، فلا يجوز أن تعيبهن أو تذكر أسرارهن، والسعيد من شغلته عيوبه عن عيوب الآخرين، وعليك بتقوى الله فإنه قد قال: ((ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا))[الطلاق:4]، وقال سبحانه: ((ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب))[الطلاق:2-3]، ولا تنس الإكثار من الطاعات فإن من ثمار الطاعة تيسير الأمور، وأكثر من الدعاء فإنه سلاح المؤمن.
ونسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.