السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رزقني الله بزوج هو نعم الزوج ذو خلق ودين، بيد أنه كسول جدا، إنني والله لا أعيبه بذلك، فهو خير مني ولا شك، ولكنني أسعى لنزع هذا الكسل الذي قيد شبابه وحرمه الكثير!
فقد فصل من عمله بسبب إهماله، ولم يفلح في دراسته بسبب كسله ورغبته الشديدة بالاسترخاء الدائم وإشغال الوقت بالمسليات، فهو يتنقل بين الألعاب الإلكترونية وبين الأفلام التلفزيونية، منذ أن يصبح وحتى ينام وهذا حاله كل يوم، فلا يخرج لأداء الصلاة مع الجماعة، ولا يخدمني إذا احتجته إلا مرة في الشهر، يحزنني كثيرا حال زوجي ويتقطع قلبي ألما عندما ألحظ عليه الرضى التام عن نفسه.
يشعرني بأن الحياة كلها على عاتقي، فأنا التي أعمل وأجمع المال، وأنا التي تنازلت عن زيارة أقاربي وصلة رحمي بسبب كسله، أخفيت الكثير عن أهلي حفظا لسمعة زوجي، فلا يعلمون حقيقة الأمر ولا يعلمون أنه لا عمل ولا دخل له، وأنه يتكاسل عن الذهاب بي لزيارتهم، فيلومونني أشد اللوم، وهو أيضا يلومني أشد اللوم لأنني طلبت زيارتهم، فيتهمني بعدم الإحساس وعدم الرحمة له.
أحاول دائما أن أناصحه بطريقة غير مباشرة فيشتد غضبه ويزيد فضاضة وغلظة!
هو يشعر بأنني أحب أن أجلب له المتاعب حقدا مني عليه، ويقول لي دائما أتمنى زوجة سعيدة تمارس معي هذه الألعاب ولا تذكرني أبدا بمسؤولياتي.
إن الصمت له ألم مرير، والخوف من المستقبل أقض مضجعي، فما الحل يا ترى مع زوجي؟ لا أريد الطلاق فلي منه طفل، ولكن أريد أن يحمل مسؤلياته ويؤمن مستقبل هذه العائلة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفيدة محمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك الثناء على زوجك بالاستمرار في نصحه، والدعاء له ووضعه في مواجهة مهامه كرجل قيم على أسرته، ونسأل الله أن يصلح حالك وحالته، وأن يلهمك السداد والرشاد والطواعية لرب العباد.
نكرر لك الشكر على رغبتك في المحافظة على حياتك الزوجية، وحرصك على حفظ أسرار زوجك وتزيين صورته أمام الآخرين، ونأمل أن يكون لكل ذلك آثار إيجابية عليه.
وأرجو أن أنبه إلى خطأ تقع فيه كثير من بناتنا في بدايات الحياة الزوجية، حيث تقوم الواحدة منهن بكل الأدوار، وذلك قد يحلو لبعض الرجال، ولكنه في الحقيقة يلحق الضرر بكل الأطراف، وغالبا ما تتوقف المرأة في منتصف الطريق؛ لأنها تعمل في غير ميدانها، والحياة الزوجية تحتاج إلى تضحيات مشتركة، ومن المهم قيام كل طرف بدوره الذي هيأه الله للقيام به، ولا مانع من مساعدة الشريك في بعض الأحيان.
ونتمنى أن يدرك زوجك أن الوضع المذكور خطير جدا، بل إن الرجال عليهم الأدوار الخارجية وعليهم حضور الجمع والجماعات ومكابدة الحياة حتى يوفروا لأسرهم ما يغني على العيش الكريم، بالإضافة إلى أن الرجل في خروجه للصلوات والأعمال والفعاليات المجتمعية يجدد عواطفه ويعود إلى بيته مشتاقا لأهله.
وعليه فأنت مطالبة بالاستمرار في النصح والتشجيع لزوجك، وعليك بإشعاره بحاجتك إليه. حرضيه على التواصل معنا حتى يسمع من إخوانه وآبائه الرجال المختصين، وتذكروا أن مولودكم يحتاج لمن يقوم على أمره، وسوف يرزقكم الرزاق بغيره بفضله ومنه.
والمسلم يفعل الأسباب ثم يتوكل على الكريم الوهاب، وفي كل حركة بركة، وقد جاء في كتاب ربنا: (فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور)، والشرع جعل الإنفاق على الرجل، بل هو من مكملات القوامة التي تتكون من جانب فطري وهبي ومن جزء كسبي، قال تعالى: (وبما أنفقوا من أموالهم).
وهذه وصيتنا لك بتقوى الله ثم بكثرة الدعاء لنفسك ولزوجك، وعلينا أن نعلم جميعا أن اللعب ينبغي أن يكون محدودا، بل بمقدار ما يعطى الطعام من الملح، وقد قال محمد بن رحمة: (ما ذكر اللعب في القرآن إلا على سبيل الذم)، كما أن اللعب يصبح محرما إذا شغل عن الصلاة وهدم الواجبات.
واعلمي أن النصح له وإن غضب أفضل من السكوت على الوضع؛ لأنه بذلك لن يزداد إلا سوءا، ولتلك الألعاب سحرها، والأمم المتحدة في مؤسساتها أضافت الإدمان الإلكتروني إلى قائمة الأمراض النفسية. فعليه أن ينتبه.
ونسعد بتواصلكما مع موقعكما للمتابعة مع المختصين.