السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
أنا فتاة ملتزمة ومنتقبة، تقدم لي شاب خلوق ومتدين، جلسنا للرؤية الشرعية وكنا خجلين بعض الشيء، وثم تحدثنا بشكل طبيعي، وشعرت براحة كبيرة، علما أنني أتعامل مع زملائي في الجامعة ضمن الحدود ولأسباب معينة وهادفة كنشاطات توعوية، إلا أنني أول مرة أرتاح بالحديث؛ ليست مشاعر أبدا، هي فقط راحة.
المشكلة أنني أدرس في كلية طبية متقدمة، وهو خريج كلية علوم ومدرس، وأهلي يخبرونني أنهم يطمحون بمواصفات أعلى من ذلك كطبيب أو مهندس أو صيدلاني، وأخبرتهم أنني سأتزوجه هو لا شهادته، ودينه وأخلاقه أهم كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولطالما مأكله حلال ووظيفته موجودة فما الذي يعيبه؟! فما رأيكم أنتم؟
إضافة أن والدي رأى ثقافته قليلة، وأنه خجول بعض الشيء، وليس ذكيا اجتماعيا، فهل هذه أمور قد تتغير لو اتفقنا معا على تغييرها؟ أم أن الخجل أو قلة التحركات الاجتماعية أمر صعب أن يتغير لو اعتاد عليه الشخص؟
وجزاكم الله كل الخير، ووفقكم لما يحبه و يرضاه.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رولا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك (إسلام ويب)، وإنا نسأل الله أن يفرج الكرب، وأن ييسر بقدرته ما كان عسيرا على خلقه، وأن يلهمك طريق الصواب، وأن يرشدك إلى الحق، وأن يأخذ بناصيتك إليه.
وأما بخصوص ما تفضلت به فإنا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:
أولا: إننا نحمد الله إليك هذا التدين وتلك الغيرة على دينك، ونسأل الله أن يزيدك تدينا وأن يرزقك الزوج الصالح الذي يسعدك في الدنيا والآخرة.
ثانيا: الدين والخلق هو المعيار الأساسي في الموافقة على المتقدم؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- : (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض)، وهذا يدل على أهمية التدين والخلق، وقد ذكر في الأثر أن رجلا قال للحسن: إن عندي ابنة لي وقد خطبت إلي فمن أزوجها؟ قال: زوجها من يخاف الله فإن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها.
ثالثا: الشاب كما ذكر والدك ليس مثقفا وغير ذكي اجتماعي، وهنا لا بد أن نتكلم في أمرين:
1- لا يعني حضور التدين والخلق وجوب الزواج ممن تخلق بهما، بل قد يرد أهل المخطوبة هذا الخاطب لعلة راجحة عندهم، ففي الصحيح أن فاطمة بنت قيس لما ذكرت لرسول الله خطبة معاوية وأبا جهم لها، وتستشير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في اختيار أحدهما، فرد النبي الرجلين لعلتين مختلفتين غير الدين والخلق، (أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له أنكحي أسامة بن زيد فكرهته، ثم قال انكحي أسامة فنكحته، فجعل الله فيه خيرا واغتبطت)، وهذا يدل على جواز رد الخاطب ولو كان متدينا لعلة، وعليه فمن حقك رد هذا الخاطب إذا كان اليقين عندك استحالة العشرة بينكما.
2- الذكاء الاجتماعي والخجل وضعف الثقافة وليد معاشرة اجتماعية ومعرفية وهو أمر مكتسب، ولكن هذا يختلف من حال إلى حال ومن شخص عنده قابلية استعداد إلى شخص ليس عنده ذلك.
رابعا: أعتقد أنكم بحاجة أكثر عن السؤال على الشاب وعلى قابليته للتطور من عدمه ، فإن المعرفة خير وسيلة لتحديد نمو المعرفة والثقافة عند الشاب.
وأخيرا: من المفيد لك -أختنا- أن تأخذي رأي والدك، فإنه لا ينصح إلا صادقا، كما عليك أن تتحاوري بهذا الشأن مع استشارة بعض أهلك ممن يعرفون هذا الشاب أو يسألون عنه، ثم الاستخارة وثقي أن الاستشارة والاستخارة لا تفضي إلا إلى خير.
نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك أن يرزقك الزوج الصالح، والله الموفق.