السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أنا فتاة بعمر 25 عاما، مشكلتي تتلخص في تدخل والدي في حياتي، واتخاذ قرارات عكس رغبتي، فمثلا: يرفض الخاطبين بدون أن يخبرني أو يخبر والدتي، تعنتا وحسدا، حيث يرى أنني لا أستحق الزواج، وأخبرني أنه يبحث لي عن الرجل الذي يذيقني المر، ويؤذيني حتى يوافق عليه، ويهددني بطلاق أمي إن اشتكيت منه لأعمامي أو أخوالي.
رغم أنني مطيعة له ومحسنة إليه إلى أبعد حد، ولا أفعل أي شيء دون أخذ مشورته، وعند حصولي على منحة من الجامعة لإكمال الماجيستير في الهندسة في تركيا كوني الأولى على دفعتي، قررت أن أسافر للدراسة فأجبرني على رفض المنحة، واتهمني بالفجور وقلة الدين، وأراد طردي من المنزل أنا وأمي، رغم أنني لم أنو السفر وحدي بل السفر معه، واحتج بأنه لا يجوز للفتاة الإقامة وحدها دون محرم، وأعلم انا هذا غير صحيح.
أخبروني من فضلكم كيف يجب أن أتعامل مع والدي الظالم، هل أستسلم لظلمه وأنا أرى سنوات حياتي تضيع أمام عيني دون فعل شيء؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رانيا حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونسأل الله أن يصبرك على ما أنت فيه ويصلح الأحوال.
لقد أسعدنا إحسانك لوالدك وبرك به، وأزعجنا ما يحصل من الوالد، وندعوك للاستمرار في برة والزيادة في الإحسان إليه، لأن ما يحصل منه لا يبيح لك الإساءة إليه، أو التقصير في حقه، وسوف يكتب الله لك ثواب البر، والوالد على خطر إذا لم يتوقف عن ظلمه لك أو للوالدة.
ونحن ننتظر أن يكون للوالدة دور في الذي يحصل، فاقتربي منها وتفكري معها، وكرري المحاولات مع الوالد، لعل الله أن يهديه، ولا شك أن الذي يحصل من الوالد يدعو للعجب، خاصة مع كونك مطيعة له وتشاوريه في كل أمورك، ونتمنى أن تساعدينا بتوضيح أسباب ما يحصل، وهل للعلاقتة بالوالدة دخل في الموضوع؟ وما هي طبيعة علاقة الوالد مع الآخرين، وخاصة الأعمام والأخوال؟
وهل رفضه لمن تقدموا بسبب العناد لك أو للوالدة، أما الحسد فهم مستبعد من أب لابنته البارة به، وما هو التفسير المناسب من وجهة نظرك؟
ونحن نقترح عليك تكرار المحاولات مع الوالد والزيادة في بره، وتأمين مخاوفه، ووافقيه على ما هو صواب، وتلطفي في التعامل مع المواقف التي ليس له فيها سند شرعي، وأنت بلا شك من أعلم الناس بطبيعة الوالد، وبالأمور التي يمكن أن تؤثر عليه، وتجنبي الانحياز التام للوالدة، وأشعري والدك بمكانته، وقومي بخدمته، واعترفي له بفضائله، واختاري الأوقات المناسبة لمناقشته، وانتقي الكلمات الجميلة عند مخاطبته.
وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بأداء ما عليك، توجهي لمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء، وتذكري أن قلب الوالد وقلوب الناس جميعا بين أصابع الرحمن يقلبها ويصرفها سبحانه، ونسعد باستمرار التواصل، وبالمزيد من التوضيح الذي سوف يساعدنا في وضع النقاط على الحروف.
نكرر وصيتنا لك بالصبر، ونؤكد لك أن لكل أجل كتاب، وهذا الكون ملك لله، ولن يحدث في كون الله إلا ما أراده، وسيأتيك ما قدره لك القدير في الوقت الذي يقدره سبحانه، فاستعيني بالله وتوكلي عليه، واعلمي أن الذي يختاره لنا أفضل مما نختاره أو نحبه لأنفسنا.
نسأل الله أن يسهل أمرك ويلهمك السداد والرشاد.