السؤال
السلام عليكم.
منذ سنوات وأنا أشعر في داخلي بشعور غريب تجاه فتاة كانت زميلتي في الصف، هذه الفتاة توجد فيها صفة الكبرياء؛ وعندما تجلس معها تشعر وكأن حياتها كاملة، وأنت مهما كنت لن تصل لها.
وحتى بعد ما افترقنا بـ4 سنوات أشعر بشعور غريب في داخلي كلما تذكرتها، شعور بعدم الارتياح، مع شعوري بأنني لن أصبح مثلها أبدا، شعور لا أستطيع وصفه حتى، أحيانا أتذكرها فأتساءل عن حياتها في داخلي، وحتى مرة من المرات بعثت لها رسالة بأن تنضم إلى مجموعة قرآن، فقالت لي بأنها تختم مع صديقة لها، فشعرت بضيق من ذلك، كيف أتخلص من هذا؟
علما بأن وضع عائلتها أفضل من حياة عائلتي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أماني حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شعور الفتاة وادعاؤها مبالغ فيه، والإنسان خلق في كبد بمعنى مشقة، والدنيا كما قال الشاعر الحكيم:
جبلت على كدر وأنت تريدها. صفوا من الأقذاء والأكدار.
ومكلف الأيام ضد طباعها. متطلب فى الماء جذوة نار.
والذي يعيش في حياة سعيدة لا يحتاج إلى أن يكثر الحديث عن حياته، وعندما تتحدث المرأة بالذات عن حياتها؛ فالغالب أنها تبالغ، وأنها تخفي أشياء، بل ربما كانت تنطلق من شعور بالنقص، وهذا ما تشير إليه الدراسات النفسية، ومما يشير إلى ما ذهبنا إليه وصفك لها بالتكبر، والتكبر أيضا صاحبه ينطلق من مركب النقص، وهذه الإشارة من عبقريات الإمام ابن حزم، ومن سبقنا كحضارة إسلامية في الإشارة إلى خفايا ومنطلقات بعض الأمراض النفسية.
وليس من الضروري أن تتمني أن تكوني مثلها، بل يمكن أن تصبحي أفضل منها برضاك بقضاء الله وقدره؛ فالسعادة ليست في الأموال، ولا في الوظائف، أو الدرجات الدنيوية، وما أكثر من ضل في طريق البحث عن السعادة.
وليتهم جميعا أدركوا أن السعادة تنبع من النفوس المؤمنة بالله، الراضية بقضائه وقدره، المواظبة على ذكره وشكره وحسن عبادته.
فالمؤمن الحق وحده هو السعيد السعادة الكاملة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، أو أصابته ضراء صبر فكان خيرا له).
فتعرفي يا ابنتي على نعم الله عليك، ثم قومي بشكره لتنالي بشكرك لها المزيد، واستجيبي لقول الله: (ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه، ورزق ربك خير وأبقى)، ورزق ربك من الصلاة والصلاح والهداية خير وأبقى.
وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بطي تلك الصفحات وتلك الذكريات، وإن ذكرك الشيطان بها فتعوذي بالله من شره، ثم انصرفي لما خلقك الله له، واشغلي وقتك بالأذكار والخيرات والهوايات النافعة.
نكرر لك الشكر على التواصل، ونسأل الله أن يجعلنا جميعا ممن إذا أعطي شكر، وإذا ابتلي صبر، وإذا أذنب استغفر.