كيفية التعامل مع الأم العصبية

0 920

السؤال

مشكلتي أن أمي عصبية كثيرا وأنا عصبية أيضا، والمشكلة أن أمي تغضب على أبسط الأمور، وإذا ما وجدت أحدا تصرخ عليه تبحث عن أي شيء لكي تصرخ عليه، وأنا أحاول أهدئ من عصبيتي، لكني لا أستطيع، وهذا الطبع في أمي صار له حوالي 6 أو 5 سنوات، وكلما تعصب يرتفع ضغطها، لكن أحاول تجنب ذلك لئلا يصير لها مكروه، لكن هي التي تبحث عن أي شيء لكي تعصب علينا، وإذا ما وجدت شيئا تبدأ تضايقني بتعليقات بسيطة، وهي تعرف أني حساسة، وتقول: هذا مزح، وهذا يضايقني لأني أعصب، علما بأن جميع إخواني يحسدونني؛ لأنه رغم هذا الذي يحدث من أمي ورغم أنه قد تطلع مني أساليب غلط، إلا أنني أطلب رضاها وترضى عني، وأحيانا لا ترضى على أسباب تافهة، مثل: ما رتبت غرفتي! وغيرها من الأسباب التي ليس لها معنى، علما بأني الوحيدة التي أطلب رضاها في البيت.

فماذا أفعل معها؟

شيء آخر أود أن أقوله، وهو: أن كل الناس سوف يتحاسبون، فهل أمي سوف تحاسب على هذا، أم أنه مهما فعلت الأم فالجنة تحت أقدامها، فالأمهات لسن مثل بعضهم؟

ادعوا الله بأن يهدي أمي الغالية، علما بأن العصبية ظهرت بعد وفاة أبي، وقد تكون بسبب الضغط عليها؛ لأننا 6 في البيت وواحد معاق.


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ الحائرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

نسأل الله العظيم أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعيننا وإياك على البر بآبائنا والأمهات الأحياء منهم والأموات، وأن يهدينا لأحسن الأخلاق، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو، وأن يصرف عنا سيئها فإنه لا يصرف سيئها إلا هو.. وبعد:

فلا شك أن التربية وظيفة صعبة، ولذلك كان ثواب الأم عظيما ومنزلتها كبيرة، وتزداد هذه المهمة صعوبة عندما تكون الأم وحدها هي التي تقوم بالتربة والرعاية لموت الأب أو لغيابه، والأم هي الموظفة التي تكون في حالة طوارئ مستمرة ليل نهار، فكيف إذا كان في البيت من يحتاج إلى رعاية مستمرة ولا يستطيع أن يعتمد على نفسه في كثير من أحواله؟!

واعلمي أن الإنسان يؤجر على تحمل الأذى من أمه، بل هو مطالب أن يقابل ذلك بالإحسان؛ لأنه يرجو الأجر من الله الرحمن، ولابد أن يكون لموت الأب تأثير على الوالدة، ولكن المؤمن يرضى بقضاء الله وقدره، ويجتهد في التعامل مع الظروف الجديدة معتمدا على الله، فهو حسبنا ونعم الوكيل.

ومن واجبكم جميعا تفادي أسباب غضب الوالدة، والصبر على عصبيتها، وتقدير الظروف التي تمر بها، ومعاونتها على صعوبات الحياة، وأقل شيء يمكن فعله هو أن يخدم كل واحد منكم نفسه، وإذا كنت الكبيرة فإننا ننتظر منك أكثر وأكثر، وكذلك والدتك تنتظر منك أن تكوني معها، وأن تأخذي بيدها، وأن تقدري ما هي فيه، ولعل هذا هو السر فيما تشعرين به من عصبية زائدة تجاهك، ورغم أن هذه الأمور تظهر صغيرة في نظرك إلا أنها كبيرة في معناها وفي أثرها على الوالدة؛ فهي تريد أن ترى منك الإيجابية والمبادرة حتى تستريح من الكلام والاهتمام بالأمور الصغيرة على الأقل، وأرجو أن تضعي نفسك في مكانها، ثم تخيلي كيف سيكون موقفك؟ واعلمي أن الحكماء يقولون: (إذا أردت أن تعرف أخلاق إنسان معين فأعطه مسؤوليات كبيرة، ثم انظر كيف يتصرف؟).

وعندما يكون أحد الوالدين مصابا بالضغط فلابد من الحرص الزائد على تفادي غضبه، وإذا كنت عصبية فعليك بالوصفة النبوية لتفادي الغضب؛ فقد أمر الغضبان أن يتعوذ بالله من الشيطان، وأن يغير هيئته، فإن كان واقفا جلس، وإن كان جالسا رقد، وعلى الغضبان أن يسكت ويخرج من المكان، ويتوضأ، وإن كان الغضب شديدا فإنه يصلي ويكثر من ذكر الله، قال تعالى: (( ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون ))[الحجر:97] فما هو العلاج: (( فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين * واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ))[الحجر:98-99].

ولقد سررت بحرصك واهتمامك الذي دفعك للسؤال، وأسعدني إصرارك على طلب رضا الوالدة، وشفقتك عليها، وخوفك من أن يحاسبها الله، ولن يحاسبها الله بفضله ورحمته؛ وذلك لأنها تحرص على مصلحتكم وتتعب لراحتكم، ومن واجبك العفو عنها، وتشجيعها على كثرة اللجوء إلى الله والحرص على طاعته، وذلك لأن الحسنات يذهبن السيئات.

ونحن من جانبنا نبتهل إلى الله أن يعينها على القيام بدورها، وأن يرزقها الصبر، وأن يرحمها برحمته الواسعة في حياتها وبعد الممات، وأن يسعدها بنجاحكم في الحياة، وبحرصكم على طاعة الله.

وبالله التوفيق.



مواد ذات صلة

الاستشارات