السؤال
السلام عليكم.
عمري 28 سنة، أعاني من حالة توهان وخوف والشعور بعدم حقيقة الأشياء، وعدم الثقة في النفس وخذلان منذ 12 سنة، وكنت أعاني من ألم في الرقبة والظهر، ثم اختفى، ثم شعرت به في الصدر من الجهة اليسرى منذ 3 سنوات، وهذه الحالة تؤثر على عملي.
ذهبت لطبيب نفساني، فأخبرني أنه وهم، وطبيب آخر قال: إنه قلق عام، وأخذت دواء seroxat فارتحت قليلا، وراجعت طبيب الباطنية، وتبين أن القلب سليم، ورفض أن أعمل أشعة، لكن ما زال ألم الصدر مستمرا، فما الحل؟
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء.
استشارتك –أخي الكريم– واضحة جدا، والعرض الذي تعاني منه البعض يسميه (اضطراب الأنية) أو (تبدد الذات)، وهو أن الإنسان يحس أن الأمور حوله ليست حقيقية، وأن ذاته متغيرة، وأنه في حالة من التوهان، وبعض هذه الحالات أيضا يشتكون من آلام جسدية مختلفة، خاصة آلام الصدر؛ لأن الحالة في حقيقتها هي نوع من القلق، والقلق يؤدي إلى التوترات، والتوترات النفسية تؤدي إلى انقباضات عضلية خاصة في منطقة الصدر؛ لأن القفص الصدري حساس، والناس تخاف جدا من أمراض القلب، ووجد –وعلى مستوى العقل الباطني– أنه تحدث تقلصات عضلية في هذه المنطقة؛ مما يستشعرها الإنسان كنوع من الألم الجسدي.
أخي الكريم: أنت لست متوهما – مع احترامي الشديد والتقدير لرأي الطبيب– هذا ليس وهما، هذه حالة نفسية معروفة، وسببها القلق النفسي، والآلام الجسدية سببها هو السبب النفسي، توتر نفسي أدى إلى توتر عضلي، والتوتر العضلي أدى إلى آلام.
أتمنى –أخي الكريم– أن تتفهم حالتك، والحالة بسيطة، وأهم علاج لها هو ممارسة الرياضة بصورة منتظمة؛ لأن الرياضة اتضح أنها تحسن من مستوى الموصلات العصبية في الدماغ، وتؤدي إلى ترميم خلايا الدماغ، وتؤدي إلى تحسن الدورة الدموية بالدماغ، وهذا كله يزيل القلق والتوتر، ويشعر الإنسان بالراحة والانبساط النفسي والجسدي.
أخي الكريم –أنت الحمد لله تعالى في سن الشباب– أريدك أن تدخل في برامج رياضية مكثفة، وبالتزام؛ فالرياضة في حالتك تعالج نفسك قبل أن تعالج جسدك. هذا أمر مهم.
الأمر الثاني: لا تحتقن، لا تكتم، بعض الناس يكتمون الأشياء البسيطة، خاصة إذا كان الإنسان حساسا، والكتمان هنا ينتج عنه تراكم داخلي لأشياء تزعج العقل الباطني عندنا؛ وإزعاج العقل الباطني هذا ينتج عنه الشعور بالقلق والتوتر، وربما الشعور بتغرب الذات أو الابتعاد عن الذات، أو كما يسمى –كما ذكرت لك– بتبدد الذات أو النفس أو اضطراب الأنية.
أتمنى –أخي الكريم– أن يكون هذا التفسير واضحا بالنسبة لك؛ لأن الإنسان إذا فهم حالته يستطيع أن يعالجها، فإذا عبر عن نفسك، تواصل اجتماعيا، صل رحمك، هذا مهم جدا –أخي الكريم– الصلاة في وقتها، الدعاء والذكر والمناجاة فيها رحمة عظيمة، وفيها استقرار كبير واسترخاء كبير للنفس والجسد. لا تحرم نفسك من هذا.
العلاجات الدوائية –أخي الكريم– كل الأدوية المشابهة للزيروكسات ذات فائدة، لكن لا أريدك أن تعتمد على العلاج الدوائي لوحده، أنا أفضل البروزاك –والذي يسمى علميا فلوكستين –هو دواء أفضل، وآثاره الجانبية أقل، فيمكن أن تستشير طبيبك، إن نصحك به فتناوله بجرعة كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، وتضيف إليه عقارا يعرف تجاريا باسم (دوجماتيل) ويسمى علميا (سلبرايد)، دواء ممتاز جدا، وأحد آثاره الجانبية السلبية أنه ربما يرفع هرمون الحليب قليلا عند كل من الرجل والمرأة، وهذا ينتج عنه تضخم بسيط في الثدي، لكن بجرعات صغيرة هذا لا يحدث.
الجرعة المطلوبة في حالتك من الدوجماتيل هي كبسولة واحدة في الصباح لمدة أسبوع، ثم تجعلها كبسولتين في اليوم –أي واحدة في الصباح والثانية مساء– لمدة شهرين، ثم كبسولة واحدة في الصباح لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناوله.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.