السؤال
السلام عليكم.
أنا يا شيخي أحاول على قدر الإمكان إطاعة الله، ولكن أحيانا تستصعب نفسي الكثير من الأمور واحتقرها جدا وأحزن للغاية، فملابسي ليست بالفضفاضة وليست بشديدة النفور، محجبة ولكن ألبس البناطيل، وأحاول على قدر الإمكان لبس الملابس الواسعة والطويلة عليها، ولكن حجابي ليس بالخمار المسدول وبه الكثير من الثغرات، وأحيانا تكون ملابسي ضيقة.
وأشعر دائما عندما أخرج من المنزل بأني أعود بالكثير من الذنوب، وأجتهد في التغير، ولا أستطيع، فلا أتخيل نفسي أبدا في الخمار والجلباب، فماذا أفعل؟ والموت لا ينتظر أحدا حتى يرجع إلى الله، أنصحني أرجوك، ودلني على الطريق وادع لي الله.
أنا في مقتبل العمر، ولا أجد السعادة على الإطلاق، فدائما في ضغط الدراسة تصل بي الحالة للتفكير في الانتحار، فجامعتي لا تراعي نفسية الطالب، وأحيانا قد ينتهي بي الأمر بالرسوب، وأنا دائما كنت مولعة بالنجاح، فأتفتت تماما عندما أرسب! ماذا أفعل لكي يفتح الله مداركي ويعينني على تلك المشقة ويقوي ذاكرتي؟ وهل هذا قد يكون دليلا على غضب الله علي؟ فقد أغلق أفق عقلي فأنا مثل أي إنسان مليئة بالذنوب، فلعلها أن تكون هي السبب؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ بلا اسم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا وأختنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك هذا السؤال، ونبشرك بأن الإحساس بالخجل هو أول وأهم خطوات التصحيح والإصلاح بعد توفيق ربنا الكريم الفتاح، ونسأل الله أن يصلح الأحوال، وأن يحقق لك النجاح والسعادة والآمال.
اعلمي -يا بنتي الفاضلة- أن طريق النجاح يبدأ بسجودنا للفتاح العليم، وبمحافظتنا على أذكار المساء والصباح، ثم باهتمامنا بأسباب الفلاح، فتوجهي إلى من بيده الخير، وهو على كل شيء قدير.
وقد شكا الإمام الشافعي إلى شيخه وكيع بن الحراج سوء الحفظ فأرشده بما يلي:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي ... فأرشدني إلى ترك المعاصي.
وأنبأني بأن العلم نور ... ونور الله لا يهدى لعاصي.
والشافعي والكرام لم يكونوا مثلا، ولكن ذلك دليل على ورعهم وخوفهم من الذنوب وآثارها، والتي منها عدم التوفيق، ومن ثمارها سوء الحفظ ونسيان العلم، كما قال ابن مسعود: (كنا نحدث أن الخطيئة تنسي العلم)، وعندما لاحظ الإمام مالك - رحمه الله - توقدا ذهنيا وألمعية وذكاء عند الشافعي - وكان وقتها طفلا - قال له ناصحا: (إني أرى على قلبك نورا فلا تطفئه بظلمة المعصية).
وأرجو أن تكون بداية التصحيح بالالتزام بالحجاب الشرعي وتجنب الأشياء الضيقة، لأنها سبب للضيق والتوتر، وأخطر من ذلك أنها تجلب للفتاة الذنوب، لأنها تفتن غيرها أيضا، ونحن إذ نشكر لك محاولات التصحيح ندعوك إلى المسارعة في تصحيح الأوضاع، وقد أحسنت فالموت ليس له وقت محدد، والسعيدة هي من يأتيها الأجل وهي على طاعة وتوبة.
وتعوذي بالله من مجرد التفكير في الانتحار، فإنه يجلب غضب العظيم القهار، ونظمي وقتك، وتواصلي مع معلماتك، وانتبهي في دراستك، وثقي بأنك قادرة على النجاح بحول الله وقوته، واعلمي أن تفادي الرسوب يكون بتفادي أسبابه، والتي منها الإهمال، وتعوذي بالله من العجز والكسل.
وهذه وصيتنا لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسأل الله لك الهدى والتوفيق والسداد والنجاح.
وللفائدة راجعي العلاج السلوكي للتفكير في الانتحار: (2240168 - 15807 - 2364663 - 2294112) وسائل التوبة الصحيحة: (54902 - 254887 - 293842 - 2131236).
والله الموفق.