كيف يمكننا التعامل مع شخص قاس ومغرور؟

0 21

السؤال

السلام عليكم.

أرجو تشخيص حالة شخص من خلال تصرفاته التي سأذكرها: رجل في الخمسينات من العمر، يعمل بصناعة الأحذية اليدوية، مهنته مقدسة عنده، لا يسمح لأحد بالتكلم عنها بسوء بالرغم من أن حالته المادية سيئة، ولكنه لا يعترف بذلك، ويبرر وضعه أنه بسبب زوجته التي تزوجها، وأمن لها بيتا وحاجات للعيش معه، ودائما يمن عليها بذلك على الرغم من أنه مقصر بكل شيء، وزوجته صابرة؛ لأنها أنجبت منه ٥ أولاد، وعائلتها غنية، وهذا هو دائما سبب الشجار بينهم، لا يتحمل المسؤولية، ويتكلم كثيرا حتى لساعات ولا يكترث للوقت، ويرغم الشخص على سماعه، والذي يرفض يتطاول عليه بالألفاظ البذيئة والضرب، خاصة أولاده لأنهم يدافعون عن أمهم حين يضربها ولا يسمحون له، مغرور بشخصه ويعتبر نفسه أهم شخص في العالم، يتحدث مع نفسه دون أن يشعر، يدخل في أكثر من موضوع عند حديثه ليبرر سبب سوء حالته المادية، ويذكر ما حدث معه منذ أن أصبح شابا إلى الآن دون كلل أو ملل، يصلي ويصوم ويعتبر نفسه مميزا بذلك، يكون مع الناس بأحسن الأخلاق ويعامل زوجته وأولاده بأسوئها، أصبح كل من يقترب منه ينفر منه، ولا يطيق الجلوس معه، وأصبح أولاده يشعرون بالاكتئاب بسببه لأنهم واقعون بين كونه والدهم يجب بره وبين أنه يستفزهم بشأن أمهم، حتى يريدهم أن يكذبوا ليرضى هو، ويقوم بذلك بأي وقت ولا يهتم بهم.

أرجو المساعدة والنصيحة لأن الوضع لا يطاق معه أبدا، والخوف بسبب كثرة الشجار بينه وبين زوجته أن يؤدي ذلك لإيذاء أحد الطرفين، وهو لا يحب زوجته ولا يريد تطليقها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ green حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختنا الكريمة- وردا على استشارتك أقول:
من خلال قراءتي لاستشارتك تبين أن هذا الرجل فعلا يعاني من أمور نفسية وانفصام في شخصيته، ويبدو أن هذه الأمور مزمنة جدا عنده، وأكثر من عانى من ذلك هي زوجته والله المستعان.

أختنا الكريمة: ينبغي أن يعامل هذا الشخص معاملة المريض، وأن يكون من حوله رحماء به لأنه لا يتصرف بتلك التصرفات عن عمد وإنما هي بسبب قضايا قديمة أثرت على شخصيته ونفسيته والراحمون يرحمهم الرحمن، وأولى الناس بحسن التعامل معه أولاده.

على أبنائه أن يعرضوه على طبيب نفساني متخصص، هذا بالطبع إن اقتنع بالذهاب إلى الطبيب، فإن وافق وذهب فلعله يجد العلاج النافع -بإذن الله-، وإن لم يرض فليسددوا وليقاربوا في التعامل معه، وأنصح الأبناء أن يقللوا من الاحتكاك به، وأن يجتهدوا في التماشي معه وعدم إغضابه، وأن يخففوا عنه ضغوطات الحياة، وذلك من خلال المساعدة في احتياجات البيت.

على الأبناء أن يجنبوا والدتهم من الاحتكاك غير المحمود مع والدهم، لأن ذلك لن يوصلهم إلى نتيجة، بل من البر بأمهم أن يجنبوها ذلك ما استطاعوا، وعليهم كذلك أن يصبروا أمهم وأن يحثوها على الإحسان لزوجها ما استطاعت لذلك سبيلا، وألا ترد على تصرفاته بالمثل.

ينبغي أن يحث هذا الرجل على المحافظة على أذكار اليوم والليلة، وأن يرقي نفسه صباحا ومساء، وإن أمكن أن يرقيه أحد أبنائه أو راق موثوق فذلك حسن.

على أبنائه أن يكثروا من التضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى، وأن يسألوا الله الشفاء لوالدهم، وعليهم أن يكثروا من دعاء ذي النون (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له).

أوصيهم كذلك أن يحسنوا لوالدهم مهما كانت تصرفاته فهو السبب بعد الله في وجودهم، ولا شك أنه تعب في تربيتهم وتنشئتهم، والبر ليس مربوطا بحسن تصرفه بل لكونه أبا، يقول تعالى: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا)، فهنا قرن الإحسان للوالدين بعبادته، وقال تعالى: (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا)، وهنا أمر بمصاحبتهما بالمعروف حتى ولو كانا كافرين.

نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لك التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات