السؤال
السلام عليكم
عندما كبرت زاد وزني، ولكن في الأرداف دون الباقي، ولدينا أطفال في العائلة يشتمون حجم مؤخرتي ويحرجونني، فكيف أتصرف معهم؟ فهم غير مؤدبين، وفي كل مرة يحرجونني ويسمعونني كلاما جارحا، وصرت أكره رؤيتهم، وذات مرة كنا في وليمة كبيرة فأحرجوني وشتموا حجم مؤخرتي.
استخدمت كل الطرق في تجاهلهم، ولكنهم يلمسونها ويضحكون علي، وإذا ضربتهم يبكون، أحس أنني مجروحة ومكسورة في ذات الوقت.
أيضا أعاني من عيب خلقي في أصابع رجلي، وعشت طفولتي مكسورة من شتم البنات لي.
سؤالي: إلى متى أعيش هكذا لا طفولة ولا شباب أعيشه؟! لماذا لم يخلقني الله مثل باقي البشر؟!
أرجوكم أنا منهارة، وأخاف من المستقبل، وتعقدت نفسيا بسبب هذا الموضوع، فكيف أتعامل معهم؟!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة /أمل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله، وبعد:
بارك الله فيك - أختي العزيزة - وأهلا وسهلا بك في الموقع، وأسال الله أن يفرج همك وييسر أمرك، ويشرح صدرك، ويرزقك ما تحلمين به من صحة وعافية وجمال ونجاح وسعادة.
-بصدد مشكلتك، فلا يخفاك أن الحياة قد طبعها الله تعالى على الابتلاء، فلا يخلو إنسان من البلاء مما قل منه أو كثر في حاضره أو مستقبله -عافانا الله أجمعين-.
( ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين).
أنت - حفظك الله ورعاك - إذا كرهت من نفسك هذا البلاء، فقد يهون عليك استشعار واستحضار ما أنعم الله عليك به من مزايا ونعم كثيرة في الصحة والأمن والدين والستر -بارك الله فيك -، وزادك من فضله وتوفيقه، فلا بد من الصبر على البلاء والشكر للنعماء، والإيمان بالقدر والرضا بالقضاء.
-أنصحك بالتركيز على حسن صلتك بربك ولزوم دعائه وطاعته وذكره وشكره وحسن عبادته، وحسن الظن به سبحانه؛ وفي ذلك ما يسهم في الشعور بالراحة والسعادة والاطمئنان ونبذ وساوس الشيطان.
-مما يسهم أيضا في معالجة مشكلتك، التركيز على حياتك ودراستك وتنمية ثقافتك وقدراتك ومواهبك ومهاراتك العلمية والعملية، فالإنسان يتميز بصفاته الاختيارية لا الإجبارية، فلا تأبهي بكلام ونظرة الناس، وقد علمت أنهم لا يزيدون ولا ينقصون ولا يضرون ولا ينفعون، فالمرء حيث يجعل نفسه، قوي إرادتك، وثقي بنفسك وبقدراتك، وأحسني الظن بربك، واستعيني به وتوكلي عليه.
-لا ينبغي، لك - أختي الكريمة من شكوى الخالق والاعتراض على أقداره؛ ذلك أن أقداره تابعة لكمال علمه وحكمته كما قال سبحانه: (وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما)، فثقي بأن الابتلاء سنة إلهية كونية يختبر بها عباده، وإن التسخط لن يغير من الواقع، بل يعرض صاحبه للإثم، وقد صح في الحديث :(إذا أحب الله عبده ابتلاه، فمن رضي فله الرضا، وإن سخط فله السخط) قال تعالى: (ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه) قال بعض السلف: هو العبد تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم، وقال سبحانه: (فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن * وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن* كلا) أي ليس كل من أنعمت عليه ووسعت عليه رزقه أكون قد أكرمته، وليس كل من ابتليته وضيقت عليه رزقه أكون قد أهنته، بل أبتلي هذا بالنعم، وأكرم هذا بالابتلاء، وفي جامع الترمذي عنه: إن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الإيمان إلا من يحب.
قال بعض السلف: رب مستدرج بنعم الله عليه وهو لا يعلم، ورب مفتون بثناء الناس عليه وهو لا يعلم، ورب مغرور بستر الله عليه وهو لا يعلم.
أما إن كانت شكواك بينك وبين نفسك، فقد ورد في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم:( إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها، ما لم تعمل أو تتكلم)، فاحتسبي ثواب البلاء، وارض بما قسمه الله وقدره، وكما ذكرت لك أن أمرك يهون قياسا بغيرك، بل إنه مقبول في نظر آخرين.
-لا مانع، بل من المهم الاجتهاد في تخفيف وزنك بالاشتراك في إحدى الأندية الرياضية، ومراجعة اختصاصية في معالجة أردافك واختصاصية في الأغذية - -إن أمكن - والاهتمام بمظهرك وجمالك، علما أن الناس والأعراف يتفاوتون في النظر إليها كعيب أو مزية كما تعلمين.
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يرزقك الصبر والأجر والعفو والعفة والعافية والنجاح في حياتك عامة، والثقة به سبحانه، وسعادة الدنيا والآخرة.