السؤال
السلام عليكم
سأحاول شرح حالتي وما واجهته بدقة، وأعانكم الله علي.
بعدما رحلت مع أهلي عن القرية التي سكني بها إلى المدينة وكنت بعمر 14 عاما، انتقلت بالطبع إلى المدرسة الجديدة، وعندها كنت أعاني من الخجل ولم أكن أتفاعل مع من في صفي، وأصبت بالاكتئاب مرات عدة.
علما أنه كان لي الكثير من الأصدقاء في المدرسة الأولى، وحاولت مرارا أن أتفاعل وأن أصبح شخصا طبيعيا، لكن سرعان ما أعود كما كنت، وهكذا بقي بي الحال في الصف إلى أن قررت الرجوع إلى مدرستي الأولى والبعيدة عني بسبب ما واجهته، وعندما رجعت تخيل يا دكتور بقي لدي نفس الخجل، وكأني مثل التمثال في الصف، فقدت كامل شخصيتي ومعه أيضا أصدقائي القدامى.
رجعت مرة أخرى للمدرسة الثانية، وبقي الحال على ما هو عليه، إلى أن أصبحت في الثانوية وبدأت الدراسة بهمة عالية، علما أني مجتهد ولدي حلم لتحقيقه.
مشكلتي الكبرى بدأت هنا عندما انعزلت تماما عن العالم، اعتمدت تماما على الدراسة الجديدة (الاونلاين) من المنزل ولم أكن أذهب إلى المدرسة ولا إلى المراكز التعليمية.
في البداية لم تكن أموري سيئة مثل الآن، فقد كنت أدرس أولا بأول وأموري طبيعية، إلى أن أصبحت لدي أمور غريبة.
أصبحت أتوقف عن الكلام فجأة أثناء الحديث، وأنسى ما كنت أتحدث عنه، ويعم الصمت لثواني، أصبحت لا أجد الكلمات المناسبة للتعبير أثناء الحديث أصابني تشوش في الأفكار وفي الذهن، ومشاكل في التركيز، وفي التواصل البصري حتى مع أهلي، أحيانا أكون أدرس مع والدتي فهي معلمة فأرتبك عند الحل وأتشوش ذهنيا في أبسط المسائل.
ساعدني يا دكتور.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله تعالى لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
أنا تدارست استشارتك وأقول لك أن الذي حدث لك نسميه بعدم القدرة على التكيف، أو عدم القدرة على التواؤم، وذلك لأن شخصيتك تحمل بعض صفات القلق والتوتر الداخلي وربما شيء من الخجل وكذلك الحياء، والحياء فيه خير كثير للإنسان.
طبعا انتقالك للمدرسة الثانية وعدم صبرك على التواؤم ثم رجوعك لمدرستك الأخرى لم يحل مشكلتك لأن جرعة المخاوف كانت مسيطرة علي، وكان لديك قلق توقعي مسبق، وهذا هو الذي جعل الأمور تخرج من النطاق المعهود.
التشوش في التفكير وعدم التركيز هذا كله ناتج من القلق، وحتى لحظات الصمت التي تعتريك هي ناتجة أيضا من القلق.
القلق أيها الفاضل الكريم: طاقة نفسية إنسانية وجدانية مطلوبة، الذي لا يقلق لا ينجح، فحتى نقوم بأعمالنا وننجز مهماتنا وتكون لدينا مشاركات إيجابية في الحياة لابد أن نقلق، وكذلك الذي لا يخاف لا يحمي نفسه، والذي لا يوسوس لا ينضبط، وحتى الذي لا يكتئب لا يستشعر جمال الانشراح والبهجة حين تأتيه. هذه هي المعادلات النفسية المعروفة.
حالتك لا أعتبرها حالة مرضية، هي عدم القدرة على التواؤم، ناتجة من قلق نفسي، أقول لك: يجب أن تثق في مقدراتك، ويجب أن تعرف أن القلق طاقة نفسية إنسانية مطلوبة، لكنها تحتاج لتنظيم الوقت، وأهم شيء تقوم به هو أن تنظم وقتك، أن تنام مبكرا، هذا مهم جدا، لأن ذلك يؤدي إلى راحة الجسد والنفس، بل يؤدي إلى ترميم كامل في خلايا الدماغ لديك، ويمتص القلق تماما، وحين تستيقظ مبكرا وتصلي الفجر سوف تجد أن تركيزك وتفكيرك على درجة عالية جدا من الصفاء، وهذا يمكن أن تستفيد منه للدراسة، مثلا ساعة إلى ساعة ونصف قبل الذهاب للمدرسة. هذه نقطة أولى مهمة جدا في إدارة الوقت.
أن تمارس رياضة، أي رياضة بصفة يومية أو على الأقل ثلاثة إلى أربع مرات في الأسبوع، أيضا سوف تمتص طاقات القلق السلبي وتجعله إيجابيا.
أن ترفه على نفسك بأي شيء جميل مع أصدقائك، أن تكون حريصا جدا على صلواتك وأذكار الصباح والمساء، وأن يكون لك ورد قرآني، وأن تكون بارا بوالديك، هذه دعائم نفسية عظيمة تحو القلق السلبي إلى قلق إيجابي.
وتمارين الاسترخاء مهمة جدا جدا، كما ذكرنا ونذكر دائما، خاصة تمارين التنفس المتدرج.
انظر للحياة بتفاؤل وقوة وبثبات، وانظر للمستقبل بأمل ورجاء. هذا هو الذي تحتاجه وليس أكثر من ذلك.
إذا طبقت ما ذكرته لك وجعلته نمطا من أنماط حياتك أعتقد أنه لن تواجهك مشكلة أبدا.
إذا مارست رياضة جماعية هذا أفضل بالنسبة لك، لأن التفاعل الجماعي يزيل الخجل السلبي، مثل الصلاة مع الجماعة في المسجد، أيضا تشعرك بالأمان وتجعلك تتفاعل تفاعلا إيجابيا ممتازا جدا.
وللفائدة راجع وسائل التخلص من القلق سلوكيا: (288014 - 2206953 - 288014 - 2136823 - 2403966).
لا أراك محتاجا لعلاج دوائي في هذا الوقت، طبق ما ذكرته لك، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.