السؤال
السلام عليكم
لدي مشكلة مع زوجتي بأنها تعيش حالة غيرة شديدة من زوجة أبي، والسبب أني قبل أن أتزوج قمت بمساعدة والدي بمبلغ من المال، من أجل فتح مشروع صغيرـ لكن والدي جزاه الله خيرا قام بصرف هذا المبلغ على زواجه، ومنذ ذلك الوقت قرابة 15 سنة وزوجتي تعيش بحالة أن هذا المال من المفروض كان يصرف عليها، وليس على زوجة أبي، حتى أصبح ليس لدينا حديث إلا عن كيف صرفت تلك الأموال على زواج أبي.
أنا داخل منزلي متهم من قبل زوجتي بأني من قمت بتزويج أبي وتفضيله على زوجتي، حسب رأيها، ودائما تتهمني بأني أفضل زوجة أبي وبناتها عليها؛ حيث ليس لدينا وقت في المنزل، وليس لدينا حديث إلا هذا عن زوجة أبي وبناتها، وكيف صرفت الأموال التي من المفترض أن تكون صرفت عليها!
على سبيل المثال: تقوم زوجتي بشتم أخواتي من أبي بكلمات نابية جدا، وتنتظر ردة فعلي إذا لزمت الصمت، وتقول لي: لقد تأذيت في داخلك ولم تجاوبني، وإذا قمت بالرد تنفعل جدا وتبدأ بالشتم والسب واللعن، وهكذا فترة مكوثي في المنزل، مثلا إذا احتجنا أي شيء في المنزل مباشرة تقوم بتذكر الماضي، وتقول لو لم تقم بصرف تلك الأموال لما كنا بحاجة لهذا الشيء اليوم، مهما كان صغيرا، ولا قيمة له، حتى لو قمت بسؤالها لم لا تدخرين المال المتبقى من أجل الأيام؟ تقوم بجوابي مثلما صرفت تلك الأموال عليهم سأقوم بصرف جميع هذه الأموال!
جزاكم الله خيرا، أرجو أن تساعدوني في إيجاد حل معها.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك – أيها الأخ الحبيب – في استشارات إسلام ويب.
واضح من استشارتك – أيها الحبيب – أنك رجل ذو خلق، وأنك حريص على بر أبيك والإحسان إليه، وهذه أخلاق تشكر عليها وتحمد، وتشجع على الاستمرار على ما أنت فيه، وكن على ثقة من أن هذا السلوك مع والدك وإحسانك إلى زوجة أبيك وإلى أخواتك لن يعود عليك إلا بخير.
لن تجني ثماره إلا سعادة وتوفيقا وانشراحا في حياتك وبعد مماتك، وكل ما تنفقه على أبيك وتحسن به إليه فإن الله تعالى سيخلفه عليك بخير مما فقدت، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من يوم يصبح العباد فيه، إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا)، والله تعالى يقول أيضا في كتابه الكريم: {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين}.
أما زوجتك فإن إصلاحها أمر سهل قريب إن شاء الله تعالى إذا استعنت بالله، وننصحك باتباع الأسباب التالية:
أولا: أن توفر لزوجتك ما تحتاجه بالمعروف دون تقصير في حقها، فهذا واجب عليك، ولا تحوجها إلى أن تسألك ذلك.
ثانيا: أن تتودد إلى زوجتك بمعسول الكلام وتطمئن نفسها بالكلام العذب الطيب، تذكرها فيه عاقبة الإحسان إلى الوالدين، وأن ذلك ينعكس على حياة الإنسان وعلى أولاده من بعده، وأن في إحسانك إلى أبيك ما يعود إلى مصلحة الأسرة الصغيرة – أنت وزوجتك والأولاد – مستقبلا.
ثالثا: أن تذكرها بأن هذا واجب وفرض عليك من الله تعالى، يجب عليك أن تنفق على أبيك، ومن الإنفاق الإعفاف، يعني: أن تزوجه إذا احتاج إلى زواج إذا كان يحتاج إليك في ذلك، وأن ما تقوم به إنما هو واجب شرعي، وليس نافلة، وأن التقصير في ذلك يعرضك لغضب الله تعالى وسخطه، وأن غضب الله تعالى إذا نزل ربما يذهب بكل شيء في يديك، إيضاح هذه الحقائق للزوجة قد يهدئ من نفسها.
رابعا: أن تبين لهذه الزوجة بلطف ورفق ولين حرمة الاعتداء على المسلم، على عرضه أو ماله أو بدنه، وأن أخواتك عرضهن حرام عليها وإيذاؤهن حرام عليها، وأنها تعرض نفسها بذلك إلى غضب الله.
حاول أن تربط زوجتك بالأسر التي فيها نساء صالحات، فإن الصاحب ساحب، يتأثر بمن حوله.
كل هذه الأسباب – أيها الحبيب – نرجو أن تكون إن شاء الله مؤثرة ونافعة في إصلاح الحال الذي أنت فيه، ومما يعينك على إصلاح هذه الحال أو الصبر عليها إذا بقيت على اعوجاجها أن تدرك يقينا أن المرأة خلقت من ضلع وأن أعوج شيء في الضلع أعلاه، كما نطق بذلك الحديث النبوي، فإن المرأة لن يزال فيها عوج، ومهما رضيت منها جوانب فإنك ستبقى دائما تجد فيها جوانب لن ترضاها، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر)، فاصبر على زوجتك، وحاول إصلاحها بقدر الاستطاعة، وسيوفقك الله سبحانه وتعالى لذلك.
نسأل الله بأسمائه وصفاته أن ييسر لك الأمور وأن يوفقك للخيرات.