السؤال
السلام عليكم.
لدي صديق عزيز جدا وقع في مشكلة عاطفية، حيث تعلق بفتاة، وتعلقت به وأحبته جدا، لدرجة أنها خطبت وتزوجت شخصا آخر، ثم تطلقت بعد شهر فقط.
دارت الأيام وأخبر زميلي أهله بأنه يحب فتاة ويريدهم أن يخطبوها له، ولكن والده عندما سأل عن الفتاة وعرف أنها مطلقة رفض رفضا قاطعا، وطلب إنهاء العلاقة بدون أي نقاش وطلب مني أن أساعد ولده في ذلك، فبماذا تنصحونني؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك – ابننا الكريم – في موقعك، ونشكر لك الاهتمام لأمر صديقك، ونسأل الله أن يعينك على الخير، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يصلح الأحوال، وأن يحقق لنا ولكم السعادة بالحلال والآمال.
أرجو أن تكون ناصحا لهذا الصديق، الذي ننصحه أولا بأن يتوب إلى الله توبة نصوحا من ذلك التجاوز الذي حدث، فإن أي علاقة عاطفية خارج الأطر الشرعية تحتاج إلى توبة نصوح، وقد تمادت تلك العلاقة التي لم تكن في الإطار الشرعي، حتى تسببت في خراب ذلك البيت، وفي طلاق تلك المرأة من زوجها، وتضاف إلى ذلك مشكلة أخرى وهي أن العلاقة يبدو أنها استمرت حتى بعد زواجها وبعد أن أصبحت عند رجل آخر، هذه من الجرائم الكبيرة، نتمنى ألا يكون ذلك قد حدث، لكن إن كان هذا قد حدث فأرجو أن تنصح أيضا صديقك بضرورة أن يتوب أيضا من هذه الخطيئة الكبيرة.
وأيضا بالنسبة لطلب الوالد بأن تكون ناصحا له بأن يترك هذه الفتاة، أيضا نحن نوافق على هذا؛ لأن الزواج في هذه الحالة إذا كانت الأسرة ترفضه، وإذا كان الوالد لا يعرف أن هذه العلاقة لم تؤسس تأسيسا صحيحا وقد رفض، فنتمنى أن تنجح في إقناع هذا الأخ، وتلك الفتاة نسأل الله أن ييسر أمرها، ويفتح لها الأبواب.
ونؤكد أن إنهاء العلاقة بينهما في المرحلة هذه والذهاب إلى زوجة يرتضيها الوالد هو الأقرب إلى ما يرضي الله تبارك وتعالى، والأقرب إلى الاستقرار، فإن الإنسان يصعب – كما هو في البيئات المعروفة مثل بيئتكم – يصعب على الإنسان أن يتزوج امرأة يخالف والديه، ويعصي والديه، ويصعب على الأسرة أيضا أن تقبل بشاب لم يتزوج لأول مرة أن يتزوج بامرأة مطلقة، ليس هذا عيبا في المطلقات، ولكن يعتبر هذا من السباحة ضد التيار، وهذا مما يجلب التعب للإنسان في حياته.
ولذلك أرجو أن تبلغه هذه النصائح:
فالنصيحة الأولى: هي التوبة النصوح.
والنصيحة الثانية: الخروج من هذه العلاقة طاعة للأب.
النصيحة الثالثة: ضرورة أن يلتزم هذا الصديق فيما يستقبل من الأيام بما يرضي الله تبارك وتعالى، فلا يحاول أن يفعل أو يؤسس أي علاقة إلا بأن يعلم والديه من البداية، فإن كثيرا من الشباب يخطئ عندما يخبر والديه في آخر ونهاية المطاف، نحن دائما نقول: إذا وجد الشاب في نفسه ميلا إلى فتاة ينبغي أن يبدأ بأن يطرق باب أهلها، ويأتي بأهله، أو الفتاة عليها أن تخبر أهلها وتطلب من الشاب أن يأتي البيوت من أبوابها ويأتي بأهله.
هذه هي الخطوة الأولى، لكن الإشكال أن الشباب يجعلونها الخطوة الأخيرة، فيفاجؤون بمثل هذه الصدمات وبمثل هذا الرفض العنيف من الأسرة، والذي يستحيل معه التلاقي، وتكون العواطف والعواصف قد تمددت في النفوس، وهذا يجل الأتعاب للطرفين.
لكن المتاعب الحاصلة أخف وأقل بكثير من الأتعاب المتوقعة إذا حاول أن يعاند أسرته، ويحاول أن يتزوج مثل هذه الفتاة، فإن هذا ليس في مصلحة الطرفين، ولذلك أرجو أن ننظر للأمور بأبعادها، ونتأمل في خواتيم الأمور ومآلاتها، وهكذا ينبغي أن يتخذ القرار الصحيح.
وإذا كان والد الشاب قد أحسن بك الظن وانتظر منك المعونة والنصح فأرجو أن تبلغه ما أشرنا إليه من نقاط: من توبة، من طاعة للوالد، من الحرص على البعد عن المعاصي، من تأسيس حياة صحيحة على الأسس والقواعد الصحيحة.
ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.