السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
وبعد: فإني أكتب إليكم عن مشكلة بيني وبين أبي، وكم يؤلمني قول هذا، فقد بدأت المشكلة منذ حوالي شهر ولم أجرؤ على طلب السماح من أبي إلا البارحة بعد عودته من المسجد بعد أداء صلاة التراويح وقبل أن يخلد للنوم.
حدث كل شيء عشية ذات يوم، وإني لأذكره كأنه أمس، كان أبي قد عاد من عمله، استحم وصلى حينها الظهر والعصر، كنت أشاهد التلفاز مع أمي، وإذا بأختي الصغرى -وهي أصغر أخواتي وتبلغ اثني عشر عاما- تأتي وهي تصرخ غاضبة مني، تشاجرنا بصوت مرتفع ودون أن نتعارك، فأختي الصغرى لا تعترف بأخطائها، وما تريده يجب أن تحصل عليه، وإن لم تحصل عليه تعود إلى غرفتها باكية وهي تقول: دائما تظلمونني لأنني صغيرة، ولكن ذلك غير صحيح، فبحكم أنها الصغرى فهي مدللة إلى حد ما، وقبل أن تدخل غرفتها كان أبي قد لحق بها فلحقت به على عجل فوجدته وكأنه يخنقها، نعم كما أقول لكم: يخنقها، ولا أقول لكم: كم آلمتني رؤية هذا المشهد وحتى أتذكره، ألهذا الحد وصل كره أبي للبنات؟! ففي أول فرصة يحسسنا بذلك، فنحن أربع بنات وأنا الثالثة، أخبرتنا أمي أنه بكى عند ولادتنا نحن الأربع لأنه يحب أن يرزق بولد، وبالرغم من معرفة شعوره فنحن دائما نذكره أن الأولاد ليسوا أفضل منا، فنحن -والحمد لله- ناجحات في دراستنا وخاصة أنا وأختي التي تكبرني، أي: أختي الثانية، فقد اجتزت العام الماضي امتحان البكالوريس بتفوق، وأختي تواصل دراستها الجامعية، وترى أبي يفتخر بنا دائما أمام رفاقه وأصحابه.
أبي يعمل في فرنسا منذ أكثر من (25) عاما، أرسل كل واحدة منا إلى وطننا الأصلي في سن الخامسة لندرس هناك، وكنا لا نراه إلا في الأعياد والعطلة الصيفية، وقد كان مثيل الأب الحنون الودود، ولكن بعدما التأم شملنا منذ حوالي عامين بدأت صورته في نفسي تتغير.
أنا لم أكمل القصة بعد، فلما وجدته يفعل بأختي ما لا يفعله أب بابنته تدخلت وحاولت إبعاد أبي عن أختي، فشد أبي على يدي وأخذ يجرني إلى غرفة الجلوس محاولا إبعادي وأنا أقول له: إن كل شيء يحل بالنقاش والهدوء والتروي، ولكنه كان غاضبا مني وربما أيضا من أختي أشد الغضب، لم أعرف ماذا أقول في مثل هذا الموقف، فأخذت أردد كلمة (الله الله الله)، ولكنه لم يحرك ساكنا وكأنه مقتنعا بما فعله، وقبل أن أغادر غرفة الجلوس قلت له: اقتلنا جميعا لترتاح، أعرف أنه ما كان لي أن أقول مثل هذا الكلام؛ فقد كنت غاضبة أنا الأخرى أكثر بكثير، فأنا أحب أبي كثيرا، أكثر حتى مما تحبه كل أخواتي، ولكن هذه الحادثة صدمتني وهي ليست بالأولى، فقد حدثت تقريبا نفس المشكلة مع أختي الثانية، ولكن هذه المرة بدون أي سبب وبدون تدخل أي أحد، ونسيت المشكلة مع مرور الوقت.
أبي لا يعترف بأخطائه إن أخطأ ولا يحب أن يقول له أحد إنك أخطأت وعليك أن تفعل كذا وكذا، مرت الأيام وأنا لم أجرؤ على طلب السماح من أبي إلى أن شاهدت برنامجا دينيا مع كل الأسرة، وقد قيل فيه: إذا طلب أحد السماح من رجل آخر كان عليه قبوله ودون معاتبة الأول، فقررت يومها طلب السماح لعلي أكفر عن خطيئتي.
بعد عودته من المسجد توضأ قبل أن ينام، وقبل أن يدخل غرفته ذهبت إليه ولكنه لم يعرني انتباها، ودخل الغرفة وأغلق الباب في وجهي، لحقت به وطلبت منه السماح ولكنه قال لي: اذهبي إلى النوم، لا يريد مسامحتي، فماذا أفعل؟
ساعدوني أرجوكم ساعدوني.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.