السؤال
السلام عليكم.
عندما كنت مراهقة أعجبت بأحد أقاربي، ووعدني بالزواج عندما أنهي دراستي الجامعية، كان متزوجا ولديه ولد وبنت، زوجته كانت تشك في علاقته بي، فقد دامت علاقتنا ٣ سنوات، وتدهورت خلالها علاقته بزوجته، ولكن زواجهم استمر.
بدأت أشعر بالندم عن تلك العلاقة وانسحبت منها، وتقربت لربي واستغفرته كثيرا على ذنبي، وانتظمت في صلاتي، وزت البيت الحرام وبكيت ندما على ما فعلت، ودعيت لزوجته تكفيرا عن ذنبي في حقها، فقد كنت صغيرة ولا أعي معنى الأسرة ولا معنى هدم البيوت.
أكملت دراستي وانقطعت علاقتي به تماما، وعندما تخرجت من الجامعة تزوجت، وعندي ولد، ولكن أخاف أن يحدث معي كما فعلت لتلك المرأة، وبدأت أشك بزوجي، فهل فعلا (كما تدين تدان) وسيحدث في زواجي ما فعلته بزواجهم، وأتألم كما تألمت بسببي؟ وكيف أكفر عن ذنبي في حق تلك المرأة؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ Joud حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك -أختنا الكريمة- وردا على استشارتك أقول مستعينا بالله سبحانه:
صحيح أن ما قمت به من بناء علاقة مع ذلك الرجل خطأ، ولكن قد يكون عذرك أنك كنت مراهقة، والحمد الله أنك تنبهت بعد ذلك واستغفرت ربك عما فعلت، وتبت توبة نصوحا بدليل أنك قطعت علاقتك مع هذا الرجل وقد تزوجت بغيره.
من القواعد الشرعية التي جاء بها الإسلام أن التوبة تمحو ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، وعليه فمن صحت توبته فإنه لا يعاقب، أما مسألة الجزاء من جنس العمل فهذه تكون لمن لم يتب من ذنبه.
الأصل في التعامل بين الزوجين مبني على الثقة المتبادلة، وأي اهتزاز لهذه الثقة يعني بداية خراب البيت، فعليك أن تحذري من الشك في زوجك، ولا تقارني ذلك الرجل بزوجك، فهذه المقارنة والتشبيه أو تصديق مقولة الرجال كلهم سواء تعد من أسباب هدم البيوت.
للشيطان حظ ونصيب في زرع الشك في قلبي الزوجين، فما لم تدفعي تلك الوساوس وتستعيذي بالله من الشيطان الرجيم فإنها ستتطور وربما انتقلت من الشك إلى اليقين، وتصديق تلك الوساوس التي قد تدفعك لتتبع عثراته وتفتيش هاتفه، فهذه كلها من مداخل الشيطان الرجيم فاحذري منها.
لا تجتري الماضي إلى حياتك المعيشة، بل عليك أن تتخذي منها الدروس والعبر فحسب، وأكثري من الاستغفار كلما تذكرت تلك الفترة، واجتهدي في تقوية إيمانك من خلال كثرة العمل الصالح، فالحسنات يذهبن السيئات، ويجلبن الحياة الطيبة الهادئة المستقرة، كما قال تعالى: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).
اقتربي من زوجك أكثر، واجتهدي في إسعاده، وملئ قلبه بالحب، وابتدئيه بالكلام العاطفي، وأشبعي عاطفته، وكذلك حاجته الجنسية فلا تردي له طلبا طالما يطلب منك الحلال.
محافظتك على زوجك من أن يقع في مثل ما وقع فيه ذلك الرجل تكمن في تقوية إيمانه، فاجتهدي في إعانته على ذلك من خلال النصح بالتي هي أحسن، واستغلال الأوقات المناسبة مع مشاركته في ذلك.
الزمي الاستغفار، وأكثري من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فذلك من أسباب تفريج الهموم، وتنفيس الكروب، ففي الحديث: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك).
تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى بالدعاء وأنت ساجدة، وسلي الله تعالى أن يؤلف بين قلبيكما، وأن يصرف عنك الشيطان ووساوسه، وأن يرزقك الحياة الطيبة.
أكثري من دعاء ذي النون (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له).
أحسني من استقبال زوجك وتوديعه، واهتمي بمظهره، وتفنني في طهي الطعام الذي يحبه، ولا تهملي نفسك أبدا، فكوني دوما بأبهى حلة، والبسي له ما يحبه وهيئي أجواء الراحة إن أراد أن ينام، ولا تثقلي عليه في الطلبات ولا تتضجري، وتحلي بالصبر فهذه الأمور ستمكنك من الاستيلاء على قلبه -بإذن الله تعالى-.
نسعد بتواصلك في حال أن استجد أي جديد في حياتك ونسأل الله تعالى لك التوفيق.