يلومونني لأني لم أتركه يغش لأجل الحصول على معدلٍ عالٍ!

0 27

السؤال

السلام عليكم

ابن أخي في الصف الثالث الثانوي، ومن الأمور السيئة جدا التي حدثت ولم أكن أتوقعها الغش الذي كان موجودا في اللجنة بصورة شبه يومية دائما، حيث كانوا يفتحون الكتب والمذكرات، وينقلون منها بصورة مباشرة، هذا كلام موثق ولا افتراء فيه ولا كذب، فقد كان يخبرني هذا بنفسه، ويقول لي ما يحدث داخل اللجنة بصورة شبه يومي.

كنت عندما يخبرني بهذا القول أقول له وأنصحه بقوة، وأربطه بالله عز وجل، وأقول له لو نظر الله عز وجل إلى كل من في اللجنة وهم يغشون وأنت لا تغش انظر إلى عظمة قيمتك أمام الله عز وجل، لا تكتب ولا كلمة واحدة في إجابتك؛ لأنها ستعرض على الله عز وجل، وإن تركت الغش لله عز وجل فسيعوضك خيرا منه.

أقول له عندما يبدأ الغش ضع كراستك في الدرج حتى لا تضعف وتغش، نصحته مرارا وتكرارا بحب وأدب ورحمة، وإقناع بالقرآن والسنة الشريفة، وبالقوة والتحذير من هذا الأمر، ولكن بعد ظهور النتيجة بدأ من يلومني ويقول لي لماذا لم تتركه يغش حتى يأخذ مجموعا يدخل بها كلية بالقرب منا، ولا يذهب إلى كلية بعيدة؟!

هل أنا أخطأت في حقه وأضعت مستقبله؟ لأنني لو تركته يغش لأخذ مجموعا أكبر يدخل به كلية أفضل وقريبة بدلا من كلية بعيدة، والمواصلات والسفر والتعب والمجهود.

هل سيعوضه الله عز وجل خيرا لأنه امتنع عن الغش؟

وجزاكم الله عز وجل خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ هاني حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك – أخي الكريم – في استشارات إسلام ويب.

الغش – أيها الحبيب – في الامتحانات محرم كما تفضلت في كلامك، فهو من جملة الغش الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (من غش فليس منا)، وفي رواية: (من غش فليس مني)، ومما لا شك فيه أن من اتقى الله سيجعل الله تعالى له فرجا ومخرجا؛ لأن الله تعالى يقول: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب}.

ألطاف الله تعالى لا تحيط بها العقول، وكون الإنسان يتعب ويتعنى إذا هو التزم حدود الله ووقف عندها واجتنب ما حرم عليه، كونه يتعرض لبعض البلاء والعناء، هذا أمر متوقع؛ لأن هذه الدنيا دار للابتلاء وللامتحان، فقد يتعنى ويتعب بعض التعب العاجل من يقف عند حدود الحلال والحرام، بينما يرتع في محارم الله ويخوض فيما نهى الله عنه شخص آخر ويجد في ظاهر الأمر أنه قد حقق نجاحا أو وسع رزقا – أو غير ذلك – ولكن الحقيقة خلاف ذلك، فالأمور بعواقبها ونهاياتها، لا ببداياتها.

في تقوى الله تعالى الفلاح في الدنيا والآخرة، وقد نهانا الله سبحانه وتعالى عن النظر إلى دنيا بعض الناس حتى لا نغتر بها وبهم، {ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه} هذا وهي حلال؛ فكيف إذا حققوا بعض المكاسب بطريق محرمة؟! فلا ينبغي للإنسان المؤمن أن يضعف أمام هذه الاختبارات والابتلاءات التي يتعرض لها في حياته، وعليه أن يأخذ بالأسباب التي أباحها الله، ويتيقن أن ما قدره الله تعالى له في اللوح المحفوظ سيصل إليه بهذه الأسباب المباحة، فارتكاب الحرام لا يقرب من الإنسان رزقا قد باعده الله عنه، فما قدره الله سيكون، وما قدره الله يتوصل إليه بالأسباب المباحة شرعا.

لا ينبغي للمؤمن أن يلوم نفسه أو يعاتبها على فوات شيء كان يظن أنه سيحصله ما كان ليحصله، وإن حصله بطريق محرم فلا خير في لذة من بعدها النار.

أنت إذا لم تخطئ – أيها الحبيب – في نصحك لابن أخيك بأن يتقي الله ويتجنب الحرام، وهو ما دام قد ترك الحرام خوفا من الله وابتغاء مرضاته وإيثارا لرضاه فإن الله سبحانه وتعالى مأمول منه الخير، فيؤمل منه أن يعوضه بخير مما ترك.

نسأل الله تعالى أن يقدر له الفلاح والنجاح، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

مواد ذات صلة

الاستشارات