السؤال
لي أب متعلم جدا وعلى درجة عالية من الثقافة الإسلامية ولكنه يرفض الصلاة في المسجد أو صلاة التراويح ولا يصلي إلا في البيت، وكلما كلمته أو حاولت أن أنصحه أو أسأله في الموضوع غضب مني وأحيانا يزجرني أن أعاود الحديث في ذلك الموضوع مرة أخرى، وإلا لن يحصل لي طيب.
مع العلم أنه يبلغ من العمر فوق الستين عاما، لا أدري هل أتركه أم أعاود الكرة معه؟ ولكن أخاف أن يغضب علي لأنه عصبي جدا، وأنوه لأنه يتابع التلفاز والأفلام الأجنبية ليس الفاضحة ولكنه لا يأبه لشيء، ولو حاولت منعه يغضب، ما عساي أفعل، بارك الله فيكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ صلاح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك، ويلهمنا جميعا رشدنا، ويعيذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.
فإن النصح للوالدين يحتاج إلى حكمة وحنكة وملاطفة، واختيار للألفاظ والأوقات، وحبذا لو قدمت بين يدي نصيحتك ألوانا من البر وصنوفا من الإحسان، والناس قد جبلوا على حب من يحسن إليهم.
وقدوتنا في ذلك خليل الرحمن الذي لاطف والده حين دعاه إلى الله، وذكر القرآن خبره فكان يردد ((يا أبت لا تعبد الشيطان ... ))[مريم:44]، (( يا أبت إني أخاف ... ))[مريم:41-45].
ويفضل أن يقوم بنصحه بعض أقرائه من أرحامك وأعمامك، والدعاة الذين لهم عنده منزلة ومكانة، وحبذا لو كانوا في سنه، ويفضل أن يزوره قبل الصلاة ثم يخرجوا من عنده إلى المسجد حتى يشجعوه ليذهب معهم.
وأرجو عدم التوقف عن نصحه، ولكن لابد من تغيير الأسلوب والبحث عن مدخل حسن إلى قلبه، ومن ذلك ذكر محاسنه والثناء على الجوانب الإيجابية، ويمكن أن تقول له: (يا والدي أنت محترم ومثقف، ولك ولله الحمد مكانة، ونحن سعداء بكونك أب لنا، ولكننا نتمنى أن نراك في المسجد).
وحبذا لو تم التنسيق مع إمام المسجد لزيارته، والتلطف معه، وأن يقترح على إمام المسجد إقامة دروس في حال حضور أبيك عن فضل صلاة الجماعة ومحبة الله للتائبين حتى يستفيد أبوك ويحب المسجد وصلاة الجماعة فيه.
أما بالنسبة لمشاهدة الأفلام فلا تنصحه أثناء الفلم، ولكن اختر الأوقات المناسبة، وابحث عن بدائل تشغله بها، وأرجو أن تكثر من اللجوء إلى الله الذي يجيب من دعاه، وتذكر أنك مطالب بالإحسان إليه ومصاحبته بالمعروف وطاعته في كل أمر يرضي الله، أما إذا أمرك بمعصية فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولن يضرك غضبه إذا كنت على الحق واتخذت لتوصيل الحق السبل المشروعة واستخدمت معه الحكمة والموعظة الحسنة.
والله ولي الهداية والتوفيق.