السؤال
السلام عليكم.
أنا في كربة، فأختي مصابة بالفصام، ولا تقبل أن أتركها، علما أنني موظف حكومي، وحصلت على منحة خارج بلدي لإكمال الماجستير، ولدي إخوان آخرين، ولكن هذه المريضة متعلقة بي جدا، وتتوسل لي أن لا أسافر، وأتقبل أيضا أن تأتي معي، فما الحل؟ لماذا أنا أضحي وإخواني المتزوجون يبحثون عن بيت خارجي ليخرجوا ويتركوا أبي وأختي مريضة عندي، فهل هذه هي العدالة؟
أنا أتعذب وهم مرتاحون، لقد ضيعت فرصة المنحة وفرصة العمل براتب محترم في الخليج، فهل هذه هي العدالة؟ فأنا أعزب، وعمري ٢٩ سنة، بالله عليكم ساعدوني لماذا أنا اخترت لهذا البلاء العظيم، ومع هذا لدي أخت أخرى متزوجة، تعاني من نوبات وتشافت منها منذ ١٤ سنة، ولكن قبل مدة سقطت، والآن تتناول العلاج، وقبل زواجها وبعده لم تخبر زوجها بسبب أنها تشافت، وأخاف -لا سمح الله- بعد عدة سنوات يحصل لها شيئا ويطلقها، وأنا أتكفل بالاثنتين، ما أصعب هذه الأمراض، لماذا أنا أتعذب، ضحيت كثيرا، حتى مع أبي للعلم فوالدتي متوفية، وإخواني لا علاقة بهم تقريبا إلا بشكل قليل.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ مجهول حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك – ابننا الفاضل – في موقعك، ونشكر لك الاهتمام بأمر أخواتك وبأمر أسرتك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعوضك خيرا، وأن يصلح الأحوال، وأن يحقق لنا ولكم في طاعته السعادة والآمال.
نحن نتمنى - وقد عملت هذا الخير - أن تكمل مشوارك، وأن تصبر، وأن تسدد وتقارب، ولا ننصح بترك الفرص التي تتاح لك، لأن في استقرارك الوظيفي ووجود المال عندك حماية مستمرة لأخواتك الضعيفات، وستجد هذا في موازين حسناتك عند الله تبارك وتعالى، واعلم أنك الرابح، وأن الذين هربوا من مسؤولياتهم تجاه الوالد أو تجاه الأسرة هم من يخسر، وهذه الدنيا مدرسة، ولكن نتمنى بعد أن تفعل الخير ألا تندم عليه، وألا تعترض على ما يقدره الله تبارك وتعالى، فإن الرضا بقضاء الله وقدره من أوسع أبواب الخير، وهو ركن من أركان الإيمان.
فنسأل الله أن يجعلنا وإياك ممن ابتلي فصبر، وممن أعطي فشكر، وممن إذا أذنب فاستغفر. أنت ولله الحمد قدمت تضحيات كبيرة، وستجد أثرها وثمارها المباركة في حياتك، وأرجو ألا تتسخط من الأقدار، واعلم أنك من اخترت هذا الطريق، وهو بلا شك طريق خير لكنه يحتاج إلى صبر ويحتاج إلى رضا، فاستمر على ما أنت عليه من الخير، واعلم أن ربنا العظيم لا يكلف نفسا إلا وسعها، وحاول أن تتواصل مع إخوانك من أجل أن يتحملوا جزء من المسؤوليات، وإذا كان الوالد موجودا فأرجو أن يكون له أيضا دور في إقناعهم وتذكيرهم بمسؤولياتهم.
لكن بالنسبة لمصلحة العمل، وبالنسبة للمصالح التي تعود بعائد مادي عليك وعلى الأسرة، أرجو أن تكون الموازنة فيها صحيحة، وهذه الأخت المتعلقة بك نتمنى أيضا أن تربطها بإخوانك، وحتى ولو بأختك الأخرى، حتى تتاح لك فرصة التقدم في عملك، والتقدم في وظيفتك.
ولا مانع أيضا من اختيار امرأة صالحة تكون عونا لك على هذه الأخت، وعون لك على صعوبات الحياة، وفي مثل هذه الأحوال ننصح بأن يكون الإنسان واضحا عند الاختيار ويحسن الاختيار، المرأة التقية الصالحة التي تعين زوجها في نفسه وفي أهله وعلى دينه بالخير.
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد، ونكرر: أنت من اخترت هذه التضحيات، فلك الأجر والثواب عند الله تبارك وتعالى، ونتمنى أن تحافظ على ما تفعل من الحسنات والأعمال الصالحة، واعلم أن الجزاء من جنس العمل، وأن من كان عونا لإخوانه كان الله عونا له، ومن يسر على معسر يسر الله عليه، فإذا كان المحتاج هم تلك الشقيقة أو هؤلاء أفراد الأسرة الضعاف.
نسأل الله أن يعينك على الخير، وأن يمنحك من عنده مددا وقوة، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.