هل رفضي لطلب والدي بالتعرف على خطيبته يعتبر من العقوق؟

0 35

السؤال

السلام عليكم.

توفيت أمي منذ ثلاثة أشهر، وتقدم أبي لخطبة فتاة من عمرنا، وافقت الفتاة بشرط أن نوافق جميعا، علما أننا نحن الأخوة والأخوات نتمنى ألا يتزوج والدنا، لأن في زواجه ظلم لنا، وقد باع جزءا من ذهب أمي ليتزوج به، وطلب السماح من أخوتي، بعضهم أعلن المسامحة، والبعض سكت.

الآن يطلب منا التواصل مع الفتاة وتشجيعها على الزواج منه، وهذا لم أستطع القيام به، لأني على خلاف معه في التركة، وأيضا لسرعة رغبته في الزواج، وأيضا أمي أوصت بمالها لأولادها، لذلك اخترت عدم التدخل في زواجه لا بالخير ولا بالشر، خاصة أني لا أعرف الفتاة، وهو يريد الفتاة بإلحاح رغم أنه لم يعرفها إلا منذ أسبوع، وعدم تنفيذي لطلبه سيغضبه، فهل رفضي لطلبه يعتبر من العقوق، أم إنه مجرد رأي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ خلود حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك أختنا في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يرحم الوالدة، وأن يرزقكم برها في حياتها وفي مماتها، وأن يرزقكم كذلك الصبر على الوالد وبره، ونسأل الله أن يلهم الجميع السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

لا شك أن الموقف فعلا مؤثر، ولكن طاعة الله أغلى، وطاعة الله أعلى، وما فعله الوالد هو من الصواب، ونسأل الله أن يكون في زواجه خير، وأرجو أن تعينوه على هذا الزواج الذي طلب منكم الإعانة فيه، ونحن طبعا ما كنا نتمنى أن تتم الأمور بهذه الطريقة وبهذه الصورة، لكن كونها تمت بهذه الصورة لا عذر لنا إن قصرنا نحن فيما علينا من البر وفيما علينا من الواجب.

واعلمي أن تواصلك مع الفتاة أو المرأة المذكورة المخطوبة لوالدك أفضل من البعد عنها والنفور منها، لأن هذا ليس في مصلحتك وليس في مصلحة الوالد، واعلمي أن الوالدة بابا إلى الجنة، وبقي لكم باب إلى الجنة هو هذا الوالد، الذي ينبغي أن تصبروا عليه، وتقتربوا منه، واعلموا أن كل إنسان لن يمضي من هذه الدنيا إلا بعد أن يأكل رزقه ورزقه فقط، وهذا الكون ملك لله، ولن يحدث في ملك الله إلا ما أراده الله تبارك وتعالى.

وعليه: فإن التواصل مع هذه المرأة المذكورة وتلبية طلب الوالد من الأمور المهمة، وهو من البر، والبر للأم أيضا بمزيد من الدعاء لها، وبمزيد من الاستغفار لها، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بها، يعني: من نعمة الله علينا أن البر لا ينقطع بموت أمهاتنا أو بموت آبائنا، إذا كانت الأم قد مضت إلى الله تبارك وتعالى فعليكم أن تحرصوا على بر الوالد فيما تبقت له من أيام، واعلمي أن الرجل قد تكون له حاجة إلى المرأة، يعني: مسألة الزواج هي مسألة تنبع من الداخل، والإنسان يحتاج إلى الزواج، وهذه هي الفطرة.

ولذلك أرجو ألا تأخذنا العادات وكلام الناس وكونه أسرع – إلى غير ذلك – يعني: في عدم بر الوالد أو عدم التجاوب معه، وكونك تجدين في نفسك نفورا؛ هذا أمر آخر، لكن لا تظهري هذا النفور لا لوالدك ولا للمرأة المذكورة التي يريد الوالد أن تتواصلوا معها، ولا تستغربوا من ميله إليها – وكذا – فهذه فطرة الله، أن يميل الرجل وأن تميل المرأة إلى الرجل، ومكانتكم في قلب الوالد محفوظة، لكن للزوجة مكانة لا تزاحم مكانكم، ولا تزاحم مكانة الوالدة التي ينبغي أن يكون الوالد أيضا يتذكرها بالدعاء والاستغفار لها.

واعلمي أن المؤمنة تصادم هواها وما في نفسها لتنال رضا الله تبارك وتعالى، ورضا الله تعالى في رضا الوالدين، وسخطه في سخطهما، فإذا كانت الوالدة قد مضت فلها منكم الدعاء والاستغفار، والوالد الذي بقي على قيد الحياة ما عليكم إلا الصبر والإحسان والبر والاستجابة لطلباته وتطييب خاطره.

ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والثبات، ونسأل الله أن يرحم موتانا وموتى المسلمين.

مواد ذات صلة

الاستشارات