ارتكبت المعصية ونادمة عليها الآن فهل ستقبل توبتي؟

0 22

السؤال

السلام عليكم.

أنا طالبة، تعرفت على شاب بفترة الحجر المنزلي لمدة ١٠ أشهر، كنت أحبه كثيرا، طلب مني أن نمارس الحرام عن طريق الإنترنت، فوافقت بسبب حبي له، وكنت أبكي بعدها وأطلب منه عدم فعل هذا الشيء مرة أخرى، خانني مرة وسامحته، ورجعنا نفعل الحرام مرة أخرى، كان يبعدني عنه فأرجع وأبكي.

حبي له دمرني، كذبت عليه كي أبتعد عنه، ورجعت له وقلت له الحقيقة، تركنا بعضنا لفترة وكنت أصلي وأعبد الله، وأقرأ القرآن، ثم جاءت فترة وضعفت فيها وكلمته ورجعت للمعصية، قبل يومين أرسل لي رسالة بأنه لا يحبني، وقام بحظري من جميع البرامج، بكيت كثيرا، وحاولت أن أعمل حسابات وأكلمه، ولكن كان يحظرني في كل مرة.

الآن كرهت نفسي، وندمانة على ما فعلت، وقررت أن لا أراسله ولا أكلمه من أي حساب، فهل الله يقبل توبتي بعد كل هذا؟ وهل يقبلها للمرة الخامسة؟ وهل يأتي يوم وأستطيع أنا أسامح نفسي لأنني فعلت كل هذا بها؟ وأنا أيضا خائفة بأن هذا الشاب يقوم بالتكلم عني بسوء في الجامعة أو يعرض صوري على أصدقائه، أنا نادمة؛ لأني فعلت هذا بنفسي وبكرامتي وسمعتي، وكنت أفكر بالانتحار، فأنا لا أستطيع أن أنظر إلى عيون أبي أو أمي، مع العلم أن الشاب لم يقل لي بأنه سيفضحني أو سيهددني، فهل الله سيكون بجانبي مرة أخرى بعد كل هذه الذنوب؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونحيي هذه الرغبة التي دفعتك للسؤال، ونسأل الله أن يتوب عليك، وأن يصلح الأحوال، وأن يحقق لنا ولكم في طاعته السعادة والآمال.

أرجو أن تعلمي أن التوبة تجب ما قبلها، وأن التائبة من الذنب كمن لا ذنب لها، وأن الإنسان مهما كثرت ذنوبه إذا تاب إلى الله تبارك وتعالى فإن الله يتوب عليه، بل إننا نبشرك بأنك إذا أخلصت في توبتك وصدقت في توبتك، ورجعت إلى الله تبارك وتعالى بصدق، وتوفرت عندك شروط التوبة الأخرى: مثل العزم على عدم العود، والتوقف عن العمل، والندم على ما مضى؛ فإننا نبشرك بأن يبدل الله السيئات القديمات إلى حسنات جديدات، {فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات}، وربنا ما سمى نفسه غفورا إلا ليغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، ولا سمى نفسه توابا إلا ليتوب عليها: {والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما * يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا}.

فأقبلي على الله بصدق، واعلمي أن الذي سترك وأنت على المعصية سيسترك بعد التوبة، وسيسدل عليك نعمه وشآبيب رحمته سبحانه وتعالى.

ولا أظن أن الشاب يفكر في نشر ما عنده، لأنه الآن أيضا شعر بالخلل وشعر بالخطر وقام بحظرك، فاجعلي هذا سببا للتوقف عن التواصل معه وعن أمثاله، فإن الإسلام لا يجيز للفتاة أن يكون لها تواصل مع الشباب، وإذا ذكرك الشيطان الأعمال التي كانت تحصل فتذكري مغفرة الغفور، واعلمي أن هذا عمل الشيطان، يوقع الإنسان في المعصية ثم يعظم عنده المعصية، ثم يفقده ثقته في نفسه ليسد عليه الأبواب، ليوصله إلى باب اليأس والقنوط من رحمة الرحيم، لكن المؤمنة تدرك أن الله غفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى.

لا تحاولي أن تعاملي والديك بطريقة مختلفة، فهم لا يعرفون عنك إلا الخير، وأنت ولله الحمد فيك الخير، فإن الله يحب التوابين، وأنت تائبة، إذا صدقت في توبتك ارتفعت عند الله درجات، وربما معصية أورثت ذلا وانكسارا خير من طاعة أورثت كبرا وافتخارا، وهذا أيضا من الشيطان، يخيل إليك أن الناس عرفوا، وبأي عين ينظرون إليك، و... هذا كله من الشيطان. (من تاب تاب الله عليه)، وكما قلنا: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، فأقبلي على الحياة بأمل جديد، وبثقة في ربنا المجيد، واجتهدي في التخلص من كل ما يذكرك بالشاب، تغيير أرقام الهاتف، وسائر التواصل؛ كل ذلك ينبغي أن يتغير، وتخلصي من كل شيء من الشر والذكريات السيئة محفوظ، فإن هذا مما يعينك على الثبات على توبتك.

نسأل الله أن يتوب علينا وعليك، ولا أظن أن الشاب يفعل شيئا، لأنه إذا فعل فإنه يسيء لنفسه أيضا، وهو يسيء إليك، فكوني مع الله تبارك وتعالى، واهتمي بحجابك وسترك، واهتمي بتعلم الآداب والأحكام الشرعية، ونسأل الله تبارك وتعالى لنا ولك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات