السؤال
السلام عليكم
تعودت على ذنب في الماضي، وكنت أؤنب وألوم نفسي كل مرة أقوم بها حتى سبب لي ضعف ثقة بنفسي، وغيرها من الأمور النفسية مثل القلق والاكتئاب، -والحمد لله- تبت من هذا الذنب.
وكذلك ارتكبت كبيرة من الكبائر في الماضي وتبت منها -الحمد لله- ولم أعد إليها أبدا.
لكن مرارة الذنب لا تفارق ذهني، حتى أحيانا في صلاتي أتذكر ما قمت به، ألوم نفسي مرارا وتكرارا، لم أعد أشعر بحلاوة الحياة، خطبت والآن أفكر جديا بأن لا أكمل خطبتي من شدة لوم نفسي على ما فعلت،
مع أنني تبت منها كلية -والحمد لله-.
ماذا يجب أن أفعل الآن، هل يجب أن أعذب نفسي كل ساعة ودقيقة وأتذكر هذا الذنب، وهل ذلك من التوبة؟ لقد ندمت على ما فعلت، وأكره ما حدث كرها لا يضاهيه كره، ولكن حياتي مريرة من كثرة تذكري لهذا الأمر.
النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: التائب من الذنب كمن لا ذنب له، فهل معناه أن يجب أن أعامل نفسي على أنني لم اقم بهذا الذنب أصلا؟
أفيدوني يرحمكم الله، وادعو لي بالثبات والهداية.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ السائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في موقعنا، ونسأل الله يوفقك إلى كل خير، وأن يثبتك على الحق والهدى، وجوابي على ما ذكرت يكمن في الآتي:
- الإنسان بطبعه يقع منه الخطأ والزلل، ولا يمكن أن يعصم منه أحد من الإثم ، وقد تعبدنا الله إذا وقعنا في المعصية أن نسارع إلى التوبة والندم على ما حصل، فعن أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون"، رواه الترمذي، -ونحمد الله- الذي وفقك إلى التوبة، -وكما ذكرت- بأنك لم تعد إلى الذنب مرة أخرى، فعلى هذا لم تعد مذنبا؛ لأن الذنب قد محاه الله عنك بتوبتك، قال تعالى: "إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما"، [سورة الفرقان].
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "وأن التوبة تهدم ما كان قبلها" رواه مسلم، ولهذا عليك نسيان ما حدث وكأن شيئا لم يكن، واستئنف حياتك بالإقبال على الله بالطاعة والذكر وفعل الخير، وابشر بخير -بإذن الله تعالى-.
- ومن جانب آخر، فإن تأنيب النفس على الوقوع في الذنب الذي قد تبت منه أمر لا يقره الشرع، لأنه يجلب لك اليأس والقنوط من رحمة الله، ويجلب لك الحزن والهم والاكتئاب وهذا من مداخل الشيطان عليك حتى يثبتطك عن طاعة الله، ويجعل في حزن دائم لا ينقطع ، مما يفقدك الاستمتاع بالحياة ويضعف ثقتك بنفسك، فعليك إذا من الآن فصاعدا عليك أن تحسن الظن بالله وتوقن أن الله قد غفر لك ذنبك، كما أن عليك ترك هذا التأنيب لنفسك، وعش حياتك بشكل طبيعي وكأنك لم تذنب من قبل.
كان الله في عونك.