أشعر بالوحدة لبعدي عن أهلي وصدري يضيق .. أرشدوني

0 29

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالبة في الجامعة سنة ثانية، وأشعر بالوحدة كثيرا، وأنا أدرس بعيدا عن أهلي مع أخي، وبدأت أشعر بضيق صدر، وكثيرا ما تحدث بيننا مشاكل في المنزل.

بدأت أفكر في ترك الجامعة والزواج؛ لأني لا أستطيع تحمل عائلتي، وحصلت الكثير من المواقف التي تعود إلى ذهني الآن بيني وبينهم، وأشعر بأني لم يعد باستطاعتي تحمل كل هذا.

ليس لدي صديقات ولا أخرج من المنزل بسبب الوضع الوبائي، وبسبب أن أخي دائما يبقيني في المنزل.

أرجو مساعدتي، فإني أعاني من هذه المشاكل منذ أن كنت صغيرة، لكن لا شيء يتغير، وأريد أن أتزوج، وأكمل نصف ديني، وأرتاح من الدراسة، ومن العائلة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ noor حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا وسهلا بك.

بداية: أود أن أبدي إعجابي الشديد بك، وعلى حرصك الشديد على إكمال دراستك، بالرغم من التحديات التي تواجهك في بلد الاغتراب.

ومما لا ريب فيه أن هنالك سلبيات للعيش والدراسة خارج الوطن، ومنها: صعوبة الاندماج، وعدم الرغبة في تقبل المجتمع الجديد، والشعور بالعزلة، بحيث لا يكون الشخص مهيئا نفسيا ومعنويا للبلد الذي سيذهب إليه، وقد يتعرض الطالب أثناء حياته اليومية إلى التغيير في مزاجه وانفعالاته، ومنها الشعور بالحزن والقلق وخيبة الأمل، والإحباط، ويجب أن تعلمي بنيتي أن الحزن شيء فطري في الإنسان عندما تقابله متاعب هذه الحياة، ولا أحد يستثنى من ذلك.

بنيتي الحبيبة: إن جائحة كورونا غيرت ملامح العالم والعادات وفرضت علينا ما لم نتوقعه؛ لذا عليك أن تصبري وما نعيشه ونعانيه اليوم سيمضي بخير وسلام بإذن الله تعالى وتعود الحياة بنا كما كانت وأفضل، فقط اصبري فالصبر مفتاح الأمل.

لذلك أجمع الأخصائيون في الصحة النفسية أن الحجر الصحي المفروض على أكثر من مليار شخص حول العالم بسبب جائحة فيروس كورونا، ليس أمرا سهلا ولا موضوعا يستهان به، إذ أنه إجراء استثنائي وغير مسبوق يقيد الحريات الفردية حتى في الدول الديمقراطية، وهذا الوضع يتسبب بمشاكل نفسية للعديد من الأشخاص، خاصة للذين يفشلون في التعاطي بشكل إيجابي مع هذا الظرف.

مشكلتك هي الحنين إلى الوطن، واشتياقك لوالدتك وإخوانك، وهذا أمر طبيعي، ويمكنك التواصل معهم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، والقيام بزيارتهم نهاية العام الدراسي.

أما بالنسبة إلى حرص أخيك أقول: أخوك يخاف عليك ويقوم بحمايتك ليس إلا، فأنا أرى أنه يمكنك تجاوز هذا الأمر بإذن الله تعالى.

ما أريده منك أن ترفعي من حالتك النفسية لما لها من تأثير كبير على مستقبلك، والزواج يا بنيتي مسؤولية وليس مكانا نهرب ونختبئ فيه.. فإلانسان إذا ما أراد أن يغير الأحداث، وجذب النجاحات والطموحات والآمال إلى حياته فعليه أن يغير طريقة تفكيره، والحكمة ألا يتخذ الإنسان قرارا في حالة غير طبيعية.. وهروب الفتاة من مشاكل أهلها، وأنها لا تجد راحتها لأسباب.. وقبولها الزواج من أي رجل، لا يعد حلا، بل ربما كان إلقاء للنفس في التهلكة، وقد قال الله عز وجل لنا في كتابه الحكيم:" ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة".

فلا بد من أن تغيري من نفسك؛ لأن جذور التغيير تبدأ من خلالنا، فإذا تقاعسنا عن مبادرة التغيير، سنظل نشتكي ونخاف لآخر لحظة في عمرنا.

وبناء على ما تقدم غاليتي أنصحك من قلب نصوح بما يلي:-

* تذكري أن نعمة الوالدين من نعم الله على الإنسان أن يكون له والدان على قيد الحياة، واعلمي أن معنى (بر الوالدين) لا يتم عبر برهما فقط إنما معنى بر الوالدين يكمن في ما هو أهم من ذلك، ألا وهو الصبر عليهما وتحمل خدمتهما.

* كوني أكثر حكمة ووعيا في علاقتك مع أخاك؛، لذلك عليك الالتجاء دائما إلى مصدر القوة الروحية في داخلك لتمدك بالطاقة كالصلاة التي تمنحك الشعور بالقوة والطمأنينة والتفاؤل، واطلبي بقلب خاشع من المولى أن يصلح العلاقة بينك وبين أخاك، حقا إن الاغتراب والابتعاد عن الأوطان والأهل ليس بالأمرالسهل وتذكري أن الإحباط والنجاح لا يجتمعان ..

* وعلو الهمة والشغف والعزيمة السبيل في تحصيل العلم وتحقيق أحلامك وطموحاتك، أليست هذه رغبتك؟! فيا بنيتي ركزي على دراستك الجامعية؛ فهذا مستقبلك لتكوني فتاة مسلمة متميزة تمثل بلدها أمام العالم، وانظري إلى الحياة بمنظار جميل وبنور القمر.

* البعد عن الفراغ وشغل النفس بما ينفعها في دينها ودنياها والبحث عن الصحبة الصالحة التي تعينك على البر والتقوى وتعينك على الثبات في معركتك مع الحياة.

مع تمنياتي لك بحياة هادئة، ونفس راضية، وثقة عالية، ولا تنسي أن تطمئنينا عنك بنيتي الغالية.

مواد ذات صلة

الاستشارات