انفصلنا وأحس بعذاب الضمير، فماذا أفعل؟

0 24

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

منذ سنتين دخلت في علاقة، وكان شخصا حسن الخلق، ولم يكسر بخاطري، ولكني جرحته وكسرت بخاطره، وأنا الآن نادمة، لأني كنت مراهقة وأنانية، ولا أفكر إلا في نفسي، وتقربت إلى الله -والحمد لله-، لكني لا أستطيع نسيانه، قلبي يتفطر عليه وأحس بعذاب الضمير لأني ضيعته مني، رغم أنه سامحني، لكنه لم يعد يحبني، فماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Remanfax حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك –عزيزتي- في الشبكة الإسلامية
نشكر لك ثقتك في إسلام ويب، ونتمنى لك التوفيق والسعادة، ونهنئك على تقربك من الله تعالى، فمن اقترب من الله والتزم بابه فقد أفلح وربح، ولا خوف عليه من تقلبات الدنيا ومكائد أهلها، ونسأل الله لنا ولك السداد والتوفيق.

عزيزتي: بداية تقولين أن عمرك 19 سنة حاليا، أي كنت في عمر 17 سنة قبل سنتين، ألا تتفقين معي أنك دخلت في علاقة حب في وقت كان يجب أن تكون دراستك ومستقبل حياتك مدار تفكيرك وجل اهتمامك وليس الدخول في علاقات أساسها خطأ وحرام، كان يجب عليك الابتعاد عن كل شيء يعيق مسيرك نحو حياة العلم والعمل، كان المفروض أن تضعي مستقبلك نصب عينيك، وتحيطي نفسك بسياج الحياء والخوف على سمعتك وسمعة والديك، ولا تلتفتي للمتلاعبين بمشاعر الفتيات، لكن للأسف غلبك الشيطان، وأدخلك في فخ الحب الهش المحرم، وما زال يؤثر عليك بوساوسه وهمزاته، ويحاول جرك إلى عالم الحزن والكآبة، فهو لن يرضيه توبتك ولا رجوعك للحق، بل يحزنك كل الحزن متى عدت لربك واطمئنت نفسك للهداية، فلا تستسلمي للشيطان الرجيم، واستعيذي بالله تعالى منه ومن وساوسه، واخرجي نفسك من قوقعة الكآبة والندامة، وامسحي كل الأرقام والحسابات التي تربطك بالشاب المذكور أو غيره من الشباب، وجددي التوبة كلما ذكرك الشيطان بالذنب، وعامليه بنقيض قصده، فلا تحزني ولا تغتمي، فأنت قد نجوت بفضل الله تعالى قبل فوات الأوان، وأدركت طريق الفوز والفلاح.

عزيزتي:
تقولين أنه كان شابا حسن الخلق ولم يكسر بخاطرك: أقول لك لو كان حسن الخلق لما رضا لك الحرام والإهانة والانحطاط، فهل يقبل لأمه أو أخته أو ابنته -في المستقبل- أن تدخل في علاقة محرمة مع أي شاب؟ هل يقبل أن تتعرض مشاعر إحداهن للتلاعب؟ هل يقبل أن تدخل إحداهن تجربة فاشلة تؤثر على نفسيتها وحياتها وسمعتها في المستقبل؟ كلا وألف كلا، لن يقبل ولن يرضى، لكنه رضا لك بذلك لأنك لا تعنين له شيئا، لا تعنين له سوى فتاة يلهو ويلعب معها، يعيش معها علاقة غرام لفترة ويستمتع معها ثم يتركها ليتزوج فتاة أخرى شريفة عفيفة لم تتعرف على شباب، ولم تعرف الحب الحرام، فلا تصدقي كلام الشباب عن الحب والهوى –عزيزتي-، ولا تجعلي مشاعرك رخيصة يصل لها كل لعاب مستهتر باحث عن المتعة، بل كوني عزيزة مطلوبة للزواج غير طالبة للمتعة، واعلمي أن أي شاب طبيعي غيور لا يقبل بالزواج من فتاة دخلت معه في علاقة قبل الزواج، فتاة خانت أهلها وخانت ثقتهم فيها، لأنه يخشى أن تخونه كما فعلت بأهلها.

أما مسألة شعورك بالندم:
أقول لك: نعم يجب أن تندمي وتتحسري لكن ليس لأنك جرحت الشخص المذكور وكسرت خاطره، إنما ندمك لأنك دخلت هذه العلاقة، وأغضبت الله تعالى، الذي شرع لنا من الدين ما ينهانا عن المعاصي، ويطالبنا الالتزام بالعفة والحياء وعدم الاختلاط، ففي العلاقات المحرمة عصيان لأوامره تعالى، وقد أخبرنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بقوله:" لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما"، وهذه الخلوة تشمل أيضا المحادثة، فإن أغلب المحادثات بين الجنسين تؤدي إلى كوارث أخلاقية وانحرافات، فاحمدي الله تعالى أن العلاقة انتهت على خير، ولم تتضرري من تبعياتها إلا بشعور الندم والحزن، والذي وجوده صحيح ولكن سببه خاطئ.

وأخيرا أنصحك –عزيزتي- بما يلي:
- توبي إلى الله تعالى توبة نصوحا صادقة من العلاقة السابقة، وتعهدي بعدم الرجوع إليها ولا لمثلها في المستقبل، قال تعالى:" وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون".
- اعلمي أن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، قال صلى الله عليه وسلم:" التائب من الذنب كمن لا ذنب له"، وهذه بشارة خير، فافرحي ودعي عنك الحزن واليأس.
- حافظي على نفسك، والتزمي بحجابك، وتعرفي على أخوات صالحات يدعمنك في مشروع حياتك، مشروع التقرب إلى الله تعالى، واكتسبي العلم الشرعي.
- حافظي على عباداتك خاصة الصلاة، وخصصي وقتا لحفظ القرآن الكريم، فهذا مما يملأ وقتك بما هو مفيد وخير، ويبعد عنك المشاعر السلبية ووساوس الشيطان.
- انس الماضي تماما، ولا تلتفتي إليه، وركزي في دراستك ومستقبلك، وهذا هو المهم حاليا، وما مضى لن يعود، وقاومي مشاعرك السلبية من حزن وتأنيب ضمير بسبب شيء غير سوي، وانظري أمامك، وخططي لحياة قادمة فيها العمل والزواج وتكوين أسرة وسعادة حقيقية مبنية على ما يرضي الله تعالى، ثم يرضي ويسعد أسرتك وبيئتك، وقبل كل ذلك يسعدك أنت، وتأكدي أنك لم تضيعي ذاك الشخص، إنما كسبت نفسك وشرفك ورضا ربك وأسرتك.

نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد، وأن يهدينا وإياك لما يحب ويرضى.

مواد ذات صلة

الاستشارات