هل يغفر الله ذنوب الخلوات؟

0 61

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة، كان لي زلات وغفلات كبيرة، عملت معاص كثيرة، كنت أنقطع عنها فترة ثم أعود لها، وما بين ذلك وذلك أدعو الله كثيرا بالزواج، وبأن لا أعود للمعاصي، ولكن هيهات، فنفسي ضعيفة، وإيماني منافق، وأعلم بأن الله يراني وأنا على المعاصي أشاهد ما حرمه الله تعالى.

كرهت نفسي جدا، فأنا كبرت، من المفترض أنني إنسانة بالغة عاقلة تتصرف بطريقة محترمة وسليمة، أكره جدا ظن الناس بأني ملتزمة، وبأني قريبة من الله، أنا أحافظ على الأذكار، وعلى التسبيح، والاستغفار، والقرآن، وقيام الليل، وأدعوه في كل سجدة بالزواج لأعف نفسي عن الحرام، فأنا لدي رغبة كبيرة جدا بالزواج، وبأن أكون أما، ولكن أقول لنفسي كيف وأنا بعد كل هذه العبادات الجميلة، وأشعر بالرضى عن نفسي، وأتمنى من الله الرضى والقبول، فأنتكس وأعود للمعاصي التي أكرهها، وأقول لنفسي أنا من سددت طريقي بالمعاصي، أنا من سبب لنفسي عدم استجابة الدعاء بسبب عظم المعاصي وهي الخلوات، أقول لنفسي لا داعي بأن أعود للعبادات الأحب إلى قلبي، والله إني أحب الله، ولا أعلم لماذا أعصيه، وأكون على دراية تامة بأنه يراني، لا أعلم، أعتقد أنني مريضة، تعبت والله تعبت، أنا أدعوه في كل صلاة بدعائين أن لا أعود للمعاصي، وأن يكون ربي راض عني، وأن أتزوج، لكن الله إلى الآن لم يشأ.

أمي قاربت الستين عاما، وليس لدينا أي أحفاد، لدي أخوات يكبرنني في العمر وغير متزوجات، هل أتصدق لدي رغبة بأن أتصدق ليغفر الله لي، أشعر بأنني لو تصدقت بكل مالي لا أعلم هل سيقبله الله تعالى أم لا؟ ما أبشع شعور عدم معرفة هل يحبني الله أم أنني أغضبته؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Diala حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على التواصل والسؤال، ونسأل الله أن يتوب علينا وعليك، وأن يهدينا جميعا لأحسن الأخلاق والأعمال، ونبشرك بأن الله ما سمى نفسه غفار إلا ليغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، ولا سمى نفسه توابا إلا ليتوب علينا، ودعانا جميعا إلى التوبة ليكون لنا الفلاح، فقال: {وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون}، وقال: {يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الآنهار}.

فعجلي بالتوبة والرجوع إلى الله تبارك وتعالى، وإذا كانت لك ذنوب خلوات فاعملي طاعات أيضا في الخلوات، بينك وبين الله تبارك وتعالى، فمن عمل معصية في السر عليه أن يعمل طاعات في السر، وقد أشرت إلى الصدقة وفضلها عظيم ومنزلتها رفيعة عند الله تبارك وتعالى، وهي سبب للخيرات.

ولا ننصح بأن تتصدقي بكل مالك، ولكن تتصدقي بالمعقول، كما قال النبي لمن أراد أن يخرج من ماله، قال: (الثلث، والثلث كثير)، هذا في الوصية أو في غيرها من الصدقات.

فتصدقي واستغفري، وأكثري من اللجوء إلى الله تبارك وتعالى، واستمري فيما أنت عليه، ولا تتوقفي عن الدعاء لأن الإجابة تأخرت، لأنك في كل الأحوال رابحة، أنت تلجئي إلى الله، أنت رابحة، إما أن يستجيب الله دعوتك، أو يدخر لك الأجر والثواب، أو يرفع عنك من البلايا والمصائب النازلة، فالمسلم يدعو الله تبارك وتعالى ولا يتوقف عن الدعاء.

واعلمي أيضا أن العبادات والإخلاص فيها والخشوع في الصلاة هي من أسباب الخروج مما أنت فيه، فلا يأتي الشيطان يقول (أنت كذا، ما فائدة الطاعات؟)، لا، ينبغي أن تستمري في الطاعات وتزدادي من الله تبارك وتعالى قربا، وإذا ذكرك الشيطان بالمعاصي فتذكري مغفرة الغفور، وإذا قال لك الشيطان (أنت فيك وفيك، وأنت تعصي الله)، فقولي: (الله غفور)، ثم اعلمي أن هذا العدو يريد أن يوصلك إلى إحدى أمرين: يريد أن يوصلك إلى اليأس من رحمة الله تبارك وتعالى، أو يريد أن تنهمكي وتستمري في المعاصي والمخالفات.

كما أرجو أن يقوم أهل البيت أيضا بالدعاء وإصلاح ما بينهم وبين الله تبارك وتعالى، ونسأل الله أن يقدر لك الخير، وأنا أريد أن أقول: الله تبارك وتعالى كونه يعينك على هذه الطاعات هذا دليل خير لك، فأبشري بالخير، واجتهدي في ترك المعاصي، وإن وقع الإنسان في المعصية فعليه أن يتوب، ثم إذا وقع في المعصية عليه أن يتوب، قيل للحسن البصري: (إلى متى؟) قال: (حتى يكون الشيطان هو المخذول).

نسأل الله لنا ولك التوفيق والثبات والهداية.

مواد ذات صلة

الاستشارات