أحب الله ورسوله ولكن أقع في البلاء والمعاصي.

0 19

السؤال

أنا رجل أحب الخير، وأحب الله ورسوله، ولكني عاص ومبتلى بضيق العيش، قرأت من نصائحكم بخصوص أمر الفتن وغيرها، لكن إلى الآن لم أصل إلى التوبة الكاملة.

وسؤالي لحضراتكم: أريد أن أكون من أهل الخير غير أني أسرفت على نفسي بالمعاصي، فافتريت، ومن يومي ويلازمني البلاء، ولكن أثر البلاء مؤلم، وكذلك أثر المعصية، غير أن المعاصي جذابة، وكل شيء حولي يدفعني إليها وأنا أكررها.

ولكني ألاحظ نفسي أدفع دفعا قهريا على فعل معصيتي، وأندم لعلمي بالله لكن ندمي قل، أو صار باردا من تكرار الذنب، وإني لأحب أن أنفع الناس، غير أن المعصية سرقت مني كتاب الله، فأريد نصيحتكم وإرشادي إلى ما فيه مصلحة نفسي وديني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك – ولدنا الحبيب – في استشارات إسلام ويب.

أولا: هناك أمور – أيها الحبيب – ذكرتها في استشارتك هي حقائق ينبغي التأكيد عليها أولا قبل الخوض بما ينبغي أن نوجهه لك من النصح والإرشاد:

أول هذه الحقائق: أن البلاء الذي يعيشه الإنسان هو من كسبه وبسبب أعماله في غالب الأحوال، وهذه حقيقة أخبر بها القرآن، فقد قال الله تعالى: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير}، وقال سبحانه: {ذلك بأن الله لم يكن مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}، وقد قال الإمام علي – رضي الله عنه -: (ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رفع إلا بتوبة).

ثانيا: ذكرت – أيها الحبيب – أن المعاصي جذابة، وهذه حقيقة أخبر عنها الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد قال: (حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات)، والاختبار الذي خلقنا الله تبارك وتعالى من أجله هو مجاهدة هذه النفس، والصبر على هذه المجاهدة، بحمل النفس على طاعة الله، بفعل ما أمر واجتناب ما عنه نهى وزجر، وثواب هذا الصبر وهذا الجهاد ثواب جزيل عظيم، فإن لحظة من لحظات الجنة ينسى بها الإنسان كل لواء وشدة مر بها في حياته الدنيا، فكيف يصح من العاقل أن يفرط في النعيم المقيم، ودار الخلود في جنة الخلد، كيف يفرط في ذلك أو بشيء منه في مقابل لذة قصيرة فانية.

فهذه الحقائق – أيها الحبيب – التي ذكرتها ينبغي أن تستحضرها دوما، وأن تجعلك متهيأ للتوبة ولإصلاح حالك، ومما يعينك على التوبة الخوف من الله جل شأنه، والخوف نعني به أن تخاف أن يقبضك الله تعالى على ذنب قبل أن تتمكن من التوبة، فتندم حين لا ينفعك الندم، وتريد الإصلاح حين لا تستطيع الإصلاح. وأن تخاف أن يصرف الله تعالى قلبك عن حب التوبة وإرادتها، فإنه سبحانه وتعالى يقلب القلوب كيف يشاء. وأن تخاف العقاب الذي أعده الله تعالى لمن مات على المعصية، إذا لم يتداركه الله تعالى برحمة منه.

كل هذا النوع من الخوف يدفعك إلى التوبة، ويعينك عليها، وأعظم ما ينبغي أن تستعين به لتحقيق التوبة والثبات عليها أن تبحث عن الرفقة الصالحة، فإن الإنسان يتأثر بمن حوله، والصاحب ساحب.

وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في قصص بني إسرائيل قصة الرجل الذي قتل مائة نفس، فأرشده العالم إلى ترك القرية التي هو فيها، والذهاب إلى قرية أخرى بها أناس صالحون يعبد الله تعالى معهم.

فابحث عن الرفقة الصالحة، وحاول أن تمضي أوقاتك معهم، سواء بالملاقاة لهم أو بالتواصل معهم، ففيهم إعانة لك على الحفاظ على حرمات الله تعالى والوقوف عند حدوده، واجتهد في دعاء الله تعالى وسؤاله أن يثبتك، وخذ بالأسباب التي تجنبك الوقوع في المعصية، فاجتنب مقدمات هذه المعاصي وأوائلها، فإذا اجتنبت المقدمات سهل عليك أن تتجنب النتائج.

هذا ما يمكن أن نقوله لك في هذه الإجابة المختصرة اليسيرة، ولكن الأمر كله راجع إلى عزيمتك، فإذا تذكرت مصلحتك وسعادتك الدائمة، وقارنت بين نعيم الدنيا ولذائذها وبين ما في الآخرة من العذاب المترتب على المعاصي؛ حينها ستهون في نفسك هذه اللذائذ، وستدرك أنها ليست لذائذ على الحقيقة، وإنما هي مقدمات لعناء طويل وعذاب شديد.

فنسأل الله تعالى أن يبصرك بالحق، وأن يرزقك القدرة والقوة على التزامه. نسأله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير.

مواد ذات صلة

الاستشارات