السؤال
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
أنا شاب من مصر وطالب علم ملتزم، وتربيت على القيم والأخلاق، لكن بعد دخولي الغربة وأنا أعمل في مجال الحاسوب سولت لي نفسي في مرحلة ضعف للإيمان فقمت باختراق حسابات البعض، وتجسست على صور لزوجاتهم، وراسلت أهليهم، موهما إياهم أني صاحب الحساب، ثم من الله علي بعد فترة قصيرة من السقوط وتبت، ولكن الذي يؤرقني كيف أتحلل من هؤلاء وأتصور موقفي بين يدي الله فأصاب بالإحباط واليأس، ولا أستطيع أن أصارح هؤلاء بما فعلت، وقد حاولت أن أتواصل معهم من رقم غير معروف وأطلب منهم المسامحة فبعضهم نهرني وبشدة، وقال الموعد عند الله، وهذا زادني إحباطا وانهيارا، فكيف أتحلل وتكون توبتي مقبولة؟ وما الحل حفظكم الله؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك – أخي الحبيب – في استشارات إسلام ويب.
أولا: نهنئك بما من الله تعالى به عليك من التوبة والإقلاع عن هذا الذنب، ونبشرك – أيها الحبيب – بأن الله تعالى لم يهدك للتوبة وييسرها لك إلا لأنه سبحانه يريد أن يتوب عليك، فقد قال الله سبحانه وتعالى: {ثم تاب عليهم ليتوبوا}، وقال: {والله يريد أن يتوب عليكم}، فلم تكن توبتك إلا بعد أن تاب الله تعالى عليك، ولذلك سهل لك طريق التوبة.
احمد الله تعالى حمدا كثيرا على هذه النعمة العظيمة، والتوبة تجب وتمحو ما كان قبلها – أيها الحبيب – فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، والله تعالى وعد في كتابه الكريم وأخبر بأنه يقبل التوبة من التائبين، فقال: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون}.
أخبرنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بأن الله يفرح بتوبة العبد، وهذا الفرح فرح إكرام، فإنه سبحانه وتعالى يحب أن يكرم عبده التائب ويمنحه ويعطيه، ولهذا يفرح به إذا تاب ورجع.
اثبت على ما أنت عليه من التوبة، وحقوق الآدميين أو التحلل منها ركن من أركان التوبة، ولكن افعل ما تقدر عليه، مراعيا في ذلك المصالح والمفاسد، فإن الحقوق المادية يجب أن تعود إلى أصحابها بأي طريقة كانت، أما الحقوق المعنوية – مثل ما ذكرت في استشارتك – فهذه ينبغي أن يراعى فيها المصلحة، فإن كانت المصلحة في إخبارهم وكان لا يترتب على ذلك مفسدة – كأن تقع بينهم وبين أهليهم وزوجاتهم شرور بسبب إخبارك أو نحو ذلك من المفاسد – إذا لم تترتب مفاسد فينبغي أن تتحلل منهم ما دمت تستطيع الوصول إليهم، وهم بعد ذلك إن شاؤوا وعفوا عنك فالحمد لله، وإن لم يعفوا عنك وعلم الله تعالى منك الصدق في التوبة؛ فإنه سبحانه وتعالى سيرضيهم يوم القيامة بحقوقهم ويدافع عنك، فإن الله تعالى يدافع عن الذين آمنوا.
لا تقنط من رحمة الله تعالى، ولا تيأس من مغفرته وعفوه. افعل ما تقدر عليه أنت امتثالا لقول الله سبحانه وتعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم}، واعلم أنه سبحانه وتعالى يقدر على أن يخلصك من حقوق هؤلاء العباد، متى ما فعلت أنت ما تستطيعه، وعلم الله منك الصدق في التوبة.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير.