والدي يسعى لتدمير حياتي، فكيف أتصرف؟

0 28

السؤال

السلام عليكم.

منذ صغرنا أهملنا والدنا، ولم يكن يحب العمل ولا يسعى بجد لتوفير احتياجاتنا، وكان مداوما على تعذيبنا ووالدتنا -رحمها الله-،كبرنا وأخوتي، وباعتباري أكبرهم فقد نلت النصيب الأكبر من قسوته وجبروته، وأصبت بخمسة أمراض مزمنة، السكري والرعاش والاكتئاب والقلق والضعف العام.

منذ أن توظفت وأنا أنفق على كل العائلة، وصرفت كل مدخولي علينا جميعا وعلى بناء منزل الأسرة على أرض الوالد، لكن وبعد زواجه بفترة طردني واستولى على البيت ومقتنياتي، بل ولفق لي تهمة بالسب والقذف والتهديد بالقتل، وإتلاف الممتلكات، ثم تنازل عنها مقابل مبلغ مالي، ثم رفع ضدي دعوى يطلب فيها نفقته منذ أن توظفت، أي قبل 18 سنة، رغم أن عمره كان وقتها 50 سنة فقط.

لقد دمر حياتي، وكان سبب إصابتي بشتى الأمراض، ومع ذلك لا زال يضايقني وينغص علي حياتي، ويفتري علي، مطالبا إياي إما بأن أصرف عليه برفاهية، أو يكون سبب طردي من عملي.

هل يحق لي أن لا أسامحه في كل ما فعله ويفعله وما سيفعله بي؟ هل سيقتص لي منه ربي عز وجل، أم أن له الحق فيما يفعله كونه والدي؟ هل ما استولى عليه من مقتنياتي بلا رضاي يعد سرقة؟ ما حكم المنزل الذي بنيته والأرض التي اقتنيتها فاستولى عليهم؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك في استشارات إسلام ويب.

أولا: نسأل الله تعالى أن يعينك على الصبر على والدك، وأن ييسر لك بره والإحسان إليه.

ونذكرك ثانيا – أيها الحبيب – بعظيم حق الأب، وألا تنسيك هذه التصرفات الظالمة من والدك، ألا تنسيك حقه عليك، فإن الله تعالى حكم عدل، وكل شيء يوزن لابن آدم من أعماله، وكل ما يفعله أو يقوله مكتوب، الحسنة بعشر أمثالها، والسيئة بمثلها.

ولوالدك عليك حق، وحقه عظيم، وحقه هو البر، والبر بمعنى: إدخال السرور إلى قلبه بكل ما يدخل السرور إلى القلب، من الأقوال والأعمال.

وله حق النفقة بما يجري به عرف الناس، وهذا الحق عليك وعلى القادرين أيضا من إخوانك وأخواتك.

وإذا قصر والدكم فيما يجب عليه لكم أو لأمكم فإن الله تعالى سيسأله عن هذا التقصير، وسيجازيه به، ولكن ذلك لا يبرر لكم التقصير في حقه أو الإساءة إليه.

هذه خطوط عامة – أيها الحبيب – في كيفية التعامل مع الوالد، أما ما ذكرته في استشارتك من بعض التفاصيل، فاستيلاء الوالد على أموالك ليس له الحق فيه مطلقا، ولكن له الحق بقدر حاجته، ولا يعد ما يأخذه الوالد من مال ولده سرقة، وما ذكرته في شأن البيت يجري عليه هذا الحكم الذي ذكرناه، أنه إذا كان من مالك وكانت الأرض لك أيضا فإن هذا البيت لك، ولا يحق للوالد الاستيلاء عليه، ولكن له حق السكنى على أولاده جميعا، أعني على القادرين منهم.

وهل يجوز للولد أن يطالب والده بحقوقه أو أن يترافع معه إلى القاضي الشرعي: الجواب نعم يجوز، وليس هذا من العقوق، ولكن مع هذا لا بد من التزام الأدب مع الوالد والقيام بالبر الواجب، بل وينبغي لك أن تقوم بالبر النافلة، وهو المبالغة في الإحسان إلى الوالد بكل ما تقدر عليه.

وننصحك – أيها الحبيب – بأن تتذكر ما للوالد عليك من الفضل، فإنه كان سبب وجودك في هذه الحياة أولا، ولهذا قرن الله تعالى حق الوالد بحقه هو سبحانه وتعالى، وأن تتذكر لحظات الضعف التي مرت بك وكان الوالد هو الذي ينفق عليك في تلك اللحظات، وإن كانت في نظرك الآن قليلة، لكنها في الحقيقة شيء كثير، والله تعالى: {ولا تنسوا الفضل بينكم}.

لهذا كله ينبغي أن تتذكر هذا الفضل والإحسان، فيكون ذلك باعثا لك على المسامحة لوالدك فيما فعله من تقصير أو فيما أوصله إليك من أذى وضرر، وإذا كان المسلم مطالب بالعفو عن عموم الناس فكيف بالوالد؟! فجاهد نفسك لتسامح والدك ولتعفو عنه وتدعو له بالهداية والصلاح، فذلك خير لك وله.

نسأل الله تعالى أن يتولى أمرك وييسر لك الخير.

مواد ذات صلة

الاستشارات