السؤال
السلام عليكم.
أنا امرأة وصلت سن 48 سنة، ولم يكتب لي الزواج، مع أنني دائما في صلاتي أدعو الله الزواج والتعفف لكي لا أفتن في ديني، تقدم لي عدة رجال من قبل، وكان دائما الأمر لا يكتمل لسبب أو لآخر، وكنت في كل الأحوال أصلي صلاة الاستخارة وأوكل أمري لله، ودائما نفس النهاية الأمر لا يكتمل، المهم تعرفت مؤخرا على رجل عمره 50 سنة الظاهر عليه حسن الدين والخلق، ولكن تعارفنا في إطار مصلحة مشتركة في العمل، ولكن بحكم أنه غير متزوج ولم يتزوج من قبل أصبحت أميل إليه عاطفيا.
أدعو الله في صلاتي أن يكون من نصيبي إن كان فيه خير لي، المشكلة أنه عازف تماما عن الزواج بحجة وفائه لخطيبته المتوفاة مند 25 سنة في حادثة سيارة بأيام قلائل قبل زواجهما، وهو دائما يحكي عنها أنها سيدة النساء، ولن يجد مثلها، وسيبقى وفيا لها حتى الممات، أصبحت أتساءل وأسأل الله لماذا هذا القدر، وهذه الصدفة؟ فأنا المرأة التي تريد التعفف والزواج أتعامل مع رجل رافض تماما لفكرة الزواج مع أنه يعيش وحده، فهل من المعقول أن رجلا مسلما يفكر بهذا التفكير ويعيش بهذا الوفاء ويحرم نفسه من التعفف؟
للعلم هو لا يعلم بما أشعر به اتجاهه، فبماذا تنصحونني؟ لأنني تعبت من كل هذه الصدف في حياتي، وأنا مجبرة على التعامل معه بحكم مصلحتنا المشتركة في العمل.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فوزية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أختنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يضع في طريقك من يسعدك من الرجال، وأن يهدينا جميعا لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو.
سعدنا جدا بهذا الحرص على التعفف والرغبة في الخير، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على طاعته، ولا يخفى عليك أن الإنسان -رجلا كان أو امرأة- إذا لم يتيسر له الزواج فإن الشريعة تدعوه إلى سلوك سبيل التعفف، {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله}.
إذا كان الرجل المذكور لا يفكر بالطريقة الصحيحة فأرجو ألا تستمري في التمادي مع العواطف معه، واجعلي علاقتك به في حدود العمل، ونسأل الله أن يهيأ لك من هو أفضل منه ومن هو خير منه.
ولا شك أننا لا نوافق هذا الرجل في هذا اللون من الوفاء الذي يسلكه، فإن هذا الوفاء حرم نفسه به من أشياء طيبة كثيرة، ونسأل الله أن يعينه على بلوغ العفاف، لأن الإنسان في هذا الزمان - في هذه الدنيا، هي دار فتن، والإنسان ينبغي أن يتزوج ليعف نفسه ويعف شريك حياته.
وعلى كل حال: فأرجو ألا ينقطع الأمل في الخير الذي عند الله تبارك وتعالى، ونبشرك بأن نعم الله مقسمة، وأنت ولله الحمد وكل امرأة قد يعطيها الله بعض النعم وتمنع من أخرى، والسعيد هو الذي يتعرف على نعم الله عليه، فإذا قام بشكرها نال من ربه المزيد، وهذه الدنيا دار منقصة، ولكن المهم هو أن يعيش الإنسان مطيعا لله تبارك وتعالى.
واسلكي السبل الصحيحة، واعلمي أن كثير من النساء تبحث عن أمثالك لأخيها، أو لابنها، أو لعمها، أو لخالها، فأظهري ما وهبك الله من الميزات والمواهب بين جمهور النساء، واحشري نفسك في مجموعات الصالحات، وحافظي على الصلوات، واحرصي على فعل الخيرات، وتوجهي إلى رب الأرض والسماوات، فإن الكون ملك لله ولن يحدث فيه إلا ما أراده الله، وكوني راضية بما يقدره الله، فإن الذي يقدره الله هو الخير، قال عمر بن عبد العزيز: (كنا نرى سعادتنا في مواطن الأقدار).
الشريعة لا تمنع من التعامل مع الرجل هذا أو غيره من الرجال، إذا راعيت الضوابط الشرعية، فتجنبت ما لا يقبل شرعا من الخلوة، أو الخضوع بالقول، أو نحو ذلك من الأمور، أو الكلام الذي ليس بمعروف، إذا التزمت بالضوابط الشرعية فلا مانع من الاستمرار في التعامل، ونحن نسأل الله إذا كان في هذا الرجل خيرا أن يفتح بصيرته ليفكر بنفس الطريقة ويتجاوب معك، ونسأل الله أن يقدر لك الخير معه أو مع غيره، عاجلا غير آجل، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.