السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أنا في حالة نفسية صعبة، يمكن اختصار الكلام بأن هناك أشخاص في حياتي سببوا لي الأذية، وفي نفس الوقت، لا يمكنني أن أتكلم عندما أنظر إليهم، أرى حياتهم مستقرة وأنا أتألم، في مرات كثيرة تتملكني رغبة شديدة في البكاء، حتى تجف عيوني من الدمع،لا أعلم ماذا أفعل؟
أحسست بأن الحياة ظلمتني، لا يمكنني أن أحكي ما حدث لي، لأنه سيستلزم وقتا طويلا، أتمنى أن أجد منكم عبارة تخفف عني تعبي النفسي، والقلق المحيط بي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Niyal حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنه ليسرنا تواصلك معنا في أي وقت، ونسأل الله أن يحفظك، وأن يبارك فيك، وأن يقدر لك الخير حيث كان.
وبخصوص ما تفضلت به، فنحب أن نجيب من خلال ما يلي:
أولا: نحن لا نعلم تحديدا ما المشكلة؟ وهل هو ظلم نفسي أم جسدي؟ وهل الظالم قريب أم بعيد؟ وهل هو ظلم أم اختلاف وجهات نظر حملتيها على الظلم؟ أو إحساس مفرط جعلك تضخمين الخطأ الموجود؟ وهل هو بقصد من الفاعل أم بجهل؟ بالطبع كل هذه الأسئلة لها دلائل في الاستشارة.
ثانيا: اعلمي -بارك الله فيك- أن المظلوم في كنف الله لا يضيع حقه، بل رقبة الظالم وآخرته في يد المظلوم وليس العكس، فالمظلوم إذا لم يعف عن حقه، أو يحصل عليه في الدنيا، فلا شك أنه سوف يحصل عليه كاملا في الآخرة، قال الله تعالى: [ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين] {الأنبياء:47}.
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-:" لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة، حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء". رواه مسلم.
هذا بالإضافة إلى أن دعوة المظلوم على الظالم مستجابة، فقد ثبت في الحديث عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"اتق دعوة المظلوم، فإنها ليس بينها وبين الله حجاب". رواه البخاري ومسلم.
والمعنى: احذر دعوة المظلوم، واجعل بينك وبينها وقاية بفعل العدل، وترك الظلم، ثم جاء البيان بعظم شأنها عند الله بقوله:" فإنه ليس بينها وبين الله حجاب".
وقال -صلى الله عليه وسلم-:" ثلاث دعوات يستجاب لهن لا شك فيهن: دعوة المظلوم..". رواه ابن ماجه.
ولعظم شأن الظلم، وعد الله نصر المظلوم ولو كان كافرا، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه - :" دعوة المظلوم وإن كان كافرا ليس دونها حجاب". رواه أحمد في مسنده.
والظالم مفلس -أختنا الكريمة-، فقد قال صلى الله عليه وسلم:" أتدرون من المفلس؟" قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال:" إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار". رواه مسلم، وعليه فلن يضيع حق عند الله تعالى.
ومع هذا نقول: إن الإنسان ينبغي أن يتعامل مع الناس بالحوار والفهم، فكثير من المشاكل تكون غير مقصودة، والحوار يزيلها، فإذا تبين الظلم، وبان لك ذلك، فلك أن تنتصري بالدعاء، ولك كذلك العفو والتماس الأجر من الله، فقد قال سبحانه وتعالى في من يفضلون العفو عن الناس:" فمن عفا وأصلح فأجره على الله.."، وقال تعالى:"وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض.." إلى قوله تعالى:" والعافين عن الناس والله يحب المحسنين".
نسأل الله أن يحفظك، وأن يقدر لك الخير، والله الموفق.