زوجتي تفضل دراستها وعملها عليّ، فكيف أتصرف معها؟

0 25

السؤال

السلام عليكم

أنا متزوج ولكن لم يتم الدخول، زوجتي لا تهتم بي، ولا تسأل عني إذا سافرت بحجة أن المسافة قريبة، ولا تسأل عن صحتي وأموري، ولا تضحك في وجهي، وتطلب مني أن أسمح لها أن تدرس وتعمل في وظيفة.

تقول: أنا أخبرك فقط ليكون لديك علم، ولا تبين لي أنها تستأذن مني، لتوقعها أن هذا يقلل من كبريائها.

تقول: أنت خطبتني وكنت أشتغل، فلا تريد مني أن أمنعها، خاصة أنها لم تشترط أي شرط في العقد، وعندما أقول لها قبل أن تناقشي موضوع العمل والدراسة اهتمي بي، واسألي عني، وقولي لي كلاما طيبا، تقول لي: لا تربط علاقتنا الزوجية بدراستي أو عملي، فهذا شيء شخصي خاص بي.

عندما أقول لها لن أسمح لك بالعمل، ولكن الدراسة لا مانع، تقول لي: بل سأعمل وأنت حر، كأنها تقول لي سأخرج دون إذنك.

تجلس معي لوقت قصير، ثم تتحجج بالدراسة، وعندما أخبرها بحبي لجلستها تعتبرني كأنني أغصبها، وتهتم كثيرا بالدراسة والعمل، حتى أنني بسبب تصرفاتها معي وعدم اهتمامها بي بدأت تراودني وساوس وشكوك بأنها تحب شخصا آخر، -أسأل الله أن يغفر لي-، ولكن هذا بسبب تصرفاتها، وتقول بأنها تحافظ على نفسها ولا ترتكب أمورا فيها قلة أدب، خاصة مع تعاملها مع الشباب، وتقول إنها إذا كانت بمفردها لا تحتك بالفاسدين من النساء والرجال في العمل، ولا يقترب منها أحد.

أقول لها لكن هناك ضعف في المرأة مهما كان، لن تستطيع التصرف في بعض الأمور إذا وقعت، أخاف إذا وقع شيء معها في عملها مع الرجال أن تخفي عني، لكي لا أغضب أو أمنعها عن العمل.

أفيدوني: ماذا أفعل بارك الله فيكم؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، ونسأل االله أن يبارك فيك وأن يحفظك وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبخصوص ما تفضلت به، فيمكن تقسيم السؤال إلى قسمين:

- الأول: حدود طاعة الزوجة وهي ببيت أهلها.

- الثاني: كيفية التعامل مع الزوجة التي لا تطيعك، والتي لا تبادلك المشاعر الجيدة، والتي تخاف عليها.

أخي الكريم: هي الآن نعم زوجتك شرعا، لكنها ما دامت في بيت أبيها فالأمر يحتاج منا إلى تفصيل، فإن عقد الزواج له حالتان:

الأولى : قبل الدخول وبعد العقد كما هو حالك: فإنه لا تجب عليها طاعة الزوج ما دامت في بيت أبيها، وإنما تقدم طاعة أبويها، وقد سئل الشيخ ابن باز: هل المرأة المعقود عليها ولم يدخل بها الزوج يكون للزوج الحق في أن يقول لها افعلي كذا ولا تفعلي كذا، وهي في بيت والدها، أم ذلك في بعض الأمور يكون له الحق؟

فأجاب: ما دامت عند أهلها لا حق له عليها حتى تنتقل عنده وتصير في بيته، ما دامت عند أهلها فهي في حكم أهلها يدبرها أهلها.

الثانية: بعد الدخول بها: وهذا يوجب عليها الطاعة الكاملة للزوج فيما ليس بمعصية الله، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: المرأة إذا تزوجت كان زوجها أملك بها من أبويها، وطاعة زوجها عليها أوجب.

هذا فيما يخص الشق الأول من الجواب.

أما الشق الثاني: فاعلم بارك الله فيك، أن الزوجة تقدم زوجها على الجميع حتى على والديها، تلك فطرة فطر الله الناس عليها، وقد ذكر أهل السير أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما رجع إلى المدينة من غزوة، لقيته حمنة بنت جحش، وكان قد قتل أخوها وخالها وزوجها في معركة واحدة، فلما لقيت الناس نعي إليها أخوها عبد الله بن جحش، فاسترجعت واستغفرت له، ثم نعي لها خالها حمزة بن عبد المطلب فاسترجعت واستغفرت له، ثم نعي لها زوجها مصعب بن عمير، فصاحت وولولت، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن زوج المرأة منها لبمكان لما رأى من تثبتها عند أخيها وخالها، وصياحها على زوجها.

لكن هذا أخي مرتبط بأمرين:

1- الزواج التام والسكن الكامل وهذا لا يكون إلا بعد الزواج مكتملا.
2- المعاملة الطيبة الحسنة.
فإذا تواجد الأمران معا فاعلم أن الزوجة -أي زوجة- لا تقدم أحدا على زوجها، فلا تقلق.

بقي أخي أن نعالج بعض الأمور:

- المرأة تقيم بالدين والخلق، فإذا كانت زوجتك -والحمد لله- دينة ومن بيت صحيح فأبشر بالخير، وعاقبة أمرها -إن شاء الله- إلى خير.

- الأصل في العلاقة الزوجية الصحيحة وجود مرجعية عند الاختلاف، ولذلك نود منك أن تؤصل هذا المعنى عند زوجتك، وأن تبين لها أننا حتما سنختلف، ولكنك ستلتزم بشرع الله في كل مسألة خلافية، فإذا وجد هذا المعيار فاعلم أن الأمور ستصير بخير.

أخي الكريم: إننا ننصحك بما يلي:

أولا: اجتهد أن تفهم وجهة نظر زوجتك في أي مسألة خلافية، وابتعد كثيرا عن الإملاء قبل فهم ما تريد هي قوله، وتحاور معها أكثر، وأشعرها بالأمان إذا كلمتك، وإذا أسرت إليك بأمر فاجعلها تتكلم وهي آمنة، دعها تفرغ لك كل ما في جعبتها، فإن المرأة إذا خافت أو خشيت سكتت، وربما تفضي إلى من لا يحسن التصرف.

ثانيا: البيت لا يقوم على الانفراد بالقرار بل على الحوار، وإذا كان الحق معها وأنت نزلت عليه فتلك من الرجولة، ولا تنقص من قوامتك شيئا، وقد نزل النبي -صلى الله عليه وسلم- على رأي زوجته أم سلمة لما رأى حسنه.

ثالثا: أكثر من ودها والثناء عليها، فإن المرأة بطبيعتها تحب ذلك، وهو من الأمور التي تريحك في البيت، وتؤجر عليها -إن شاء الله-.

رابعا: تغافل عن الأمور البسيطة، فليس هناك امرأة كاملة، كما لا يوجد رجل كامل، ومن حسن سياسة البيت أن يتغافل المرء عن بعض الأخطاء الصغيرة الطبييعة الزوجة كالحدة ومحاولة إثبات الذات قبل الزواج، أو في أول عام أو عامين منه، تلك أمور طبيعية تحدث في كل بيت، وتغافلك من الذكاء، وقد سئل حكيم من العاقل: قال الفطن المتغافل.

خامسا: اجتهد في أن تتحمل أخطاءها، وحاول أن تصلح من شأنها بالنصح والموعظة والمزاح المقبول معها، فصلاحها خير لك ولها.

سادسا: لا تسىء الظن بها، ولا تفتش خلفها، وعظم رقابة الله في قلبها، فمتى عظمت رقابة الله كان النعيم والحياة الهادئة.

سابعا: لا تفرض كل تفاصيل ما تريده مرة واحدة، ولكن ضع الأسس العلمية والقواعد الكلية مثل: الاحتكام عند الاختلاف يكون للدين، القوامة في البيت للرجل ولكنها لا تعني الاستبداد بل تعنى الرأي الأخير له بعد الشورى، كل هذه القواعد أصلها ولكن بطريق غير مباشر، كالحديث إلى والدها ليخبرها بذلك أو والدتها، كسماع موعظة دينية، كمحاضرة تربوية، هناك بعض الملفات الصوتية عن حق الزوجة على الزوجة وحق الزوج على الزوجة، ما المانع أن تطلب منها أن تسمع كلا الملفين، وأنت كذلك تسمعهما ثم تتناقشان.

وختاما: أكثر من الدعاء لها في الصلاة، وادع لنفسك، والزم صلاة الليل فإنها خير معين لك، وسل الله دوما أن يصرف عنكما الشيطان، وأن يرزقكما الخير حيث كان.

وإنا لنسأل أن يوفقكما الله لكل خير، وأن يصلح أحوالكما، وأن يهديكما إلى صراط مستقيم، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات