أشعر بالغرابة من الواقع والحياة حولي، فما السبب؟

0 43

السؤال

السلام عليكم.

منذ سنتين وأنا أشعر بالغرابة مما حولي، كأني فجأة لا أفهم ما حولي، أو كأني أرى الواقع لأول مرة، كأني لا أعرف لا أفهم ولا أستوعب ما هو هذا الواقع، وما هذه الحياة حولي، وأنظر لكل ما حولي بغرابة كأني مستغربة من الدنيا، وأشعر بخوف شديد، كما أشعر بثقل في عيني ورأسي ونسيان شديد وتركيزي منعدم، أشعر أن عقلي مخدر ولا يستطيع تفسير هذا الواقع أمامي، وكلما تقول لي أمي أنها سوف تزوجني وتفرح بي، شيء ما بداخلي يقول كيف هذا وأنت لا تعرفين ما هي هذه الحياة أصلا.

بسبب هذا الشعور فقدت شغفي بالحياة، وأصبحت لا أشعر بشيء، كما أشعر أحيانا أن الصور التي أراها من جبال ومناظر طبيعية غير حقيقية، كما أشعر أن والدي غير حقيقيين، وأنظر إليهما بغرابة، كما أشعر بعصبية شديدة.

وعندما أستيقظ في الصباح وأنظر لما حولي أستغرب، أي بمعنى لا أعرف ما أراه، وأقول ما هذا الذي أراه، أين أنا؟ ما هذا العالم؟ وأغمض عيني وأشعر أني سوف أصرخ بأعلى صوتي وأجن، كما أشعر بضيق شديد وانزعاج بسبب هذا الشعور.

أنا لا أشعر بأني في حلم، أو أني أشاهد نفسي من الخارج، أو كأن الحياة عبارة عن فيلم أمامي، أو أني لا أعرف نفسي، إنما أشعر كأني لا أعرف العالم والحياة كلها، ولا أعرف ما هي هذه الدنيا، مع العلم أني أعاني من مشاكل وضغوط نفسية وتوتر شديد، أشعر بعدم الرغبة في الحياة، كما أرى الواقع بلا ألوان ولا روح، هذا الشعور لا يريد الذهاب مني، أين أنا؟ ما هذا الواقع؟ ما هي هذه الدنيا؟ ما هو الإنسان؟ من نحن؟ أشعر أني ميتة، كأني مخدرة، كأني في غيبوبة غير مدركة لما يدور حولي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ nour حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكركم لتواصلكم معنا، وثقتكم بموقعنا.

لا نريد أن نسقط في فخ الإسقاطات التشخيصية، ولكن للأمانة والموضوعية يلزمك زيارة الأخصائي النفسي للتقييم، ومع ذلك سنعطيك بعض النصائح العامة التي نرجو أن تستفيدي منها، حيث نفترض أنك تعلمت وتخرجت من التعليم، وتبحثين عن وظيفة حاليا، إن كان ذلك كذلك، فجزء من الضغط النفسي الذي تعانين منه هو بقاؤك بدون وظيفة، وبالتالي بدون إنجاز، هكذا يتهيأ لكل متخرج من الدراسة وباحث عن العمل، وهذا المعنى غير دقيق، والسبب في ذلك هو أن الكثيرين لا يفرقون بين الوسيلة والهدف والغاية، فالبعض يضع لنفسه هدفا وهو أن يتخرج من مرحلة البكالوريا أو المرحلة الجامعية، والوسيلة لذلك هي التخرج من المرحلة الثانوية، فإذا انتهى من مرحلة البكالوريوس فإنه يتحول إلى هدف آخر وهو الدراسات العليا، ويصير البكالريوس وسيلة بعد أن كان هدفا سابقا، فإذا انتهى من الدراسات العليا بحث عن وظيفة، والوظيفة هنا هي الهدف، بينما تحولت الدراسات العليا إلى وسيلة بعد أن كانت غاية سابقا، وهكذا تتحول الوظيفة من هدف إلى وسيلة بعد التقاعد!

ويظل الإنسان يدور بين الوسيلة والهدف على هذا النمط حتى يخرج من هذه الحياة، إذن أين هي الغاية والتي هي المخرج النهائي لكل ما سبق؟!

الغاية هي الدار الآخرة ونيل الجنة برضى الله عز وجل، لذلك لا بد من تحديد الغاية أولا، ثم وضع خارطة الأهداف والوسائل الموصلة إليها، وهذا لا يعني بالضرورة أن الجنة ستكون عبر الوظيفة مثلا؛ فقد تكون وقد لا تكون، فهناك ملايين البشر غير موظفين ومع ذلك يعيشون وينجبون ويضيفون رصيدا للإنسانية، إذن لا داعي لأن يحصر الإنسان نفسه في زاوية ضيقة، ﴿هو ٱلذی جعل لكم ٱلۡأرۡض ذلولا فٱمۡشوا۟ فی مناكبها وكلوا۟ من رزۡقهۦۖ وإلیۡه ٱلنشور﴾ [الملك ١٥].

وتبدأ سعة الدنيا من دماغ الإنسان نفسه، فإذا وسع الدنيا وفرصها في عينه، فإنه سيشعر بالسعادة والابتهاج، وإن ضيقها سيشعر بالضيق والاكتئاب.

نصيحة أخيرة:
الإنسان في هذه الحياة يعيش بين فرص وتحديات، فإذا أقبلت الفرص اغتنمها، وإذا صادفته التحديات واجهها وصبر عليها، فعن أبي يحيى صهيب بن سنان -رضي الله عنه-قال: قال رسول الله ﷺ: عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له. رواه مسلم.

نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يهديك سواء السبيل.

مواد ذات صلة

الاستشارات