السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا كنت شيعية -والحمد لله- ربي هداني وصرت أبحث في الشأن الشيعي، والحمد لله أصبحت لدي خبرة كبيرة، ودائما ما أتصدى وأحارب أهل البدع وأحتج عليهم بالفلسفة وعلم الحديث والروايات، ولكني قرأت مسبقا عن علماء السلف أنهم قالوا لا يجب مناظرة أهل البدع، وأنا أطلب العلم، وأحاول دحض الشبهات عن ديني، فحزنت جدا؛ لأنني قرأت هذه الفتاوى التي تمنعنا من محاربتهم، وأخاف أن يسيطر أهل البدع والروافض على عقول هؤلاء الناس الذين يجهلون حقيقتهم، فما رأيكم؟ مع أنني لا أتطرق لهم إلا إذا طرحوا شبهة أرد عليها وبنقاش علمي وأدبي.
والموضوع الثاني: هو أنني أعاني من أهلي، فأمي تمنعني من ارتداء النقاب؛ خوفا علي من السلطات وكلام الناس، ولكن أنا أحب ارتداء النقاب وأعتز بحيائي، وهي تقول: بأن الناس سيسخرون مني، وتبدأ تضحك علي وعلى أي شيء، أهلي يقذفونني ويسبونني فما حكم الوالدين عندما يفعلون ذلك؟ مع العلم أنني أنصحهم ولكن يقللون من احترامي كثيرا ويزيدون بالقذف والسب علي على أتفه الأسباب،
ويمنعونني من مناقشة أهل البدع، وحتى عندما أرتل القرآن الكريم في المنزل يمنعونني من هذا، ويقولون: إذا قرأت القرآن ليلا ونهارا ستملين منه! والله أحزن جدا، وأدخل في حالة اكتئاب بسبب أنني لا أستطيع العيش مثل باقي المسلمين وأكون حرة في اختياراتي، وأتمنى من أي امرأة تقرأ رسالتي أن تلتزم وتعتز بحجابها وحيائها فالجميلات كثيرات، ولكن الناس تبحث عن ذات الدين.
وجزاكم الله خيرا على ما تقدمون.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شهـد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك ابنتنا الكريمة في استشارات إسلام ويب.
أولا: نهنئك بفضل الله تعالى عليك أن هداك لاتباع السنة واقتفاء آثار النبي صل الله عليه وسلم وأهله وأصحابه، واجتناب طريق البدعة، وهذا من عظيم رحمة الله تعالى بك ولطفه بك، ونسأل الله تعالى أن يثبتنا وإياك على الحق حتى الموت، وقد سعدنا جدا ابنتنا الكريمة بما رأيناه في استشارتك من حرصك على الخير، وحبك له، وبذل الجهد في هداية الآخرين، وإيصال الخير إليهم، وأنت مأجور على كل هذه النيات والأعمال التي تقومين بها.
والجدال والمجادلة لأهل الباطل أمر مشروع، محبوب عند الله تعالى، إذا كان بقصد إظهار الحق وإبطال الباطل، وكان المجادل لهم يمتلك من العلم والبصيرة ما يستطيع أن يبطل هذا الباطل ويحفظ قلبه من التأثر بالشبوهات؛ هذا أمر في غاية الأهمية، فإن القلوب ضعيفة والشبه خطافة كما يقول العلماء، فلا ينبغي للإنسان أن يجادل وأن يخوض في نقاش أهل الباطل إلا إذا كان قادرا على دحض باطلهم وشبههم بحيث لا تتمكن من قلبه، وتشوش عليه عقيدته ويقع في محاذير، فإذا كنت تملكين هذه القدرة العلمية فيشرع لك أن تجادلي وأن تناقشي من أدلى بشبهات بقصد إظهار الحق ودعوته للخير وحفظ الناس من أن يتأثروا بهذه الشبهات.
أما الموضوع الثاني وهو منع أهلك لك من النقاب، فإن كنت تعتقدين صحة قول من يقول من العلماء بوجوب ارتداء النقاب أمام الرجل الأجنبي -أي بارتداء تغطية الوجه أمام الرجل الأجنبي وهو قول جمهور الفقهاء- فإنه يجب عليك أن تفعلي ذلك، ولا يلزمك أن تطيعي والديك إذا كان أمرهم لك بترك النقاب لا مبرر له شرعا، بمعنى أنهم لا يخافون عليك مفسدة وضررا بسبب النقاب، أما إذا خافوا عليك ضررا بسبب ارتدائك للنقاب؛ فننصحك بأن تعملي بقولهما وفي هذه الحال ينبغي أن تقللي من لقاء الرجال الأجانب إلا بقدر ما تدعوك الحاجة إليه.
كذلك إذا كانوا يمنعونك من مناقشة أهل البدع خوفا عليك من الضرر فعليك أن تطيعيهما في ذلك، لأنه أمر مستحب مندوب، والوالد إذا أمر الولد بترك مستحب لمسوغ شرعي فإنه يلزم الولد أن يطيعه كما يقرر هذا العلماء في كلامهم عن بر الوالدين، أما إذا كان أمرهما لك لمجرد الشفقة عليك دون خوف وضرر حقيقي فليس عليك أن تطيعيهما في ذلك، وإذا قلنا لك أنه لا يلزمك أن تطيعي والديك؛ فهذا لا يعني أبدا الإساءة إليهما أو التقصير في برهما والإحسان إليهما بكل أنواع الإحسان، بالقول والفعل، وقد أمر الله تعالى بمصاحبتهما بالمعروف وإن كانا كافرين يجاهدان الولد على الكفر، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير وأن يثبتنا وإياك على الحق.