السؤال
السلام عليكم.
أنا بعمر 24 عاما، تخرجت من الجامعة، وعملت لمدة عام ثم تقدمت للدراسات العليا، ولم أكمل دراستي بسبب مشاكل سياسية في دولتي، ثم جلست سنتين في البيت دون عمل، مع أني أريد الزواج من فتاة أحبها.
في الوقت الذي لم أعمل به، وفقني الله لحفظ نصف القرآن تقريبا، فهل أواصل الانشغال بحفظ القرآن وترك البحث عن عمل؟ مع أني ذهبت الرغبة عني في العمل بمجالي وانشرح صدري للقرآن، وأريد بعد حفظه إن شاء الله أن أدرس العلوم الشرعية.
ما نصحيتكم لي؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أصيل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يحفظك وأن يبارك فيك وأن يقدر لك الخير حيث كان وأن يرضيك به.
بخصوص ما تفضلت به -أخي الفاضل- فإن ما تعاني منه هو ما يعاني منه آلاف الشباب في مثل عمرك، ولا شك أن هذا من ألوان الابتلاء، الذي لا يخلو منه مسلم، بل قد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن أكثر الناس بلاء أعظمهم أجرا، لذا كان أكثر الناس بلاء أنبياء الله عز وجل، في الحديث: (أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلبا اشتد به بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة). أخرجه الإمام أحمد وغيره، وصححه الألباني.
في صحيح الأدب المفرد: عن أبي سعيد الخدري: أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو موعوك، عليه قطيفة، فوضع يده عليه، فوجد حرارتها فوق القطيفة، فقال أبو سعيد: ما أشد حماك يا رسول الله! قال: إنا كذلك، يشتد علينا البلاء، ويضاعف لنا الأجر، فقال: يا رسول الله؛ أي الناس أشد بلاء؟ قال: الأنبياء ثم الصالحون، وقد كان أحدهم يبتلى بالفقر، حتى ما يجد إلا العباءة يجوبها فيلبسها، ويبتلى بالقمل حتى يقتله، ولأحدهم كان أشد فرحا بالبلاء، من أحدكم بالعطاء.
قال المناوي في التيسير بشرح الجامع الصغير: أشد الناس بلاء، أي محنة واختبارا الأنبياء، المراد بهم ما يشمل الرسل: ثم الأمثل فالأمثل، أي الأشرف فالأشرف، والأعلى فالأعلى، فهم معرضون للمحن والمصائب والمتاعب أكثر. اهـ.
إنما قدمنا هذه المقدمة لأن مداخل الشيطان للمرء لا تنتهي، وأعون ما يكون سندا للفتى التحصن بالوحي والاهتداء به.
بالنسبة لحديثك عن الأفضلية بين البحث عن عمل في مجال تخصصك أو الاستمرار في حفظ القرآن وطلب الشريعة، فإننا نقول لك: الفقهاء لا يرجحون إلا إذا تعذر الجمع، والمعنى لماذا نضع أحد الأمرين خيارا، لماذا لا نبحث عن عمل وفي ذات الوقت نحفظ القرآن ونطلب العلم، الأمران لا يتعارضان سيما والجوال المتحرك اليوم قد صار أداة ووسيلة تختصر لك الزمن، وتساعدك على العمل.
إننا ننصحك أخي بالبحث عن عمل في مجال تخصصك أو قريبا منه، حتى لو كان براتب قليل في البداية، فإن هذا أفضل وأعون لك على الزواج وبناء الأسرة.
إن عجزت عن عمل أو تبين لك أن الأمر مستحيل فلا بأس أن تبحث عن شيء قريب منه أو عمل يدر عليك دخلا بجوار طلبك للعلم الشرعي.
نسأل الله أن يبارك فيك وأن يحفظك وأن يرزقك العمل الذي يكفيك والزوجة الصالحة التي ترضيك، والله الموفق.