السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا أحب فتاة حبا كبيرا، ولا أراني أستطيع الحياة بدونها، ولكن أهلها رفضوني بسبب أني تكلمت معها وقلت لها: أنا أحبك (ووحشتيني).
قولوا لي: ما ذا أعمل لأجل أن يوافقوا علي؟ فأنا أحبها كثيرا، وأحب أن أكمل معها بالحلال حياتي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أخي الكريم- في موقعك "إسلام ويب"، وإنا لسعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله أن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبخصوص ما تفضلت بالسؤال عنه فإننا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:
أولا: أمور الزواج -أخي- تحتاج إلى روية وعقل وحكمة، ومن الطبيعي أن يتخذ الأهل هذا الموقف بعد ما حدث منك، لكن هذا لا يعني النهاية، فهدئ روعك والأمر إن شاء الله هين، والموضوع أبسط مما تتخيل، فلا تجعل الشيطان يضخمه لك أكبر من حجمه، واعلم أن ما تمر فيه اليوم قد مر فيه آلاف غيرك، لكن الله أكرمك بأن جعل لك عقلا يدلك على أن تسأل وتستفيد من خبرات الغير، ونسأل الله أن يوفقك للخير، وأن يقدره لك حيث كان.
ثانيا: مما يزيدك اطمئنانا أن تعلم أن من كتبها الله لك زوجة هي في علم الله قبل أن يخلق الله السموات والأرض بخمسين ألف سنة، ومن قدرها الله لك لن يستطيع أهل الأرض وإن اجتمعوا أن يسلبوها منك، ومن لم يقدرها الله لك فلن تتزوجها ولو بلغت قدرتك ما بين السماء والأرض، فكل شيء -أخي الحبيب- مقدر ومكتوب، قال صلى الله عليه وسلم: "أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب، فكتب مقادير كل شيء قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء ".
ثالثا: قبل أن نتحدث عن الخطوات العملية لا بد من سؤال تسأله نفسك وتجيب عليه:
هل أنت قادر الآن على الزواج أو مستعد له؟
إن كانت الإجابة ب (لا) فانتظر -أخي الحبيب- حتي تستعد له ولا تقلق، فكما أسلفنا الأمور كلها بيد الله، وما عليك إلا الأخذ بالأسباب.
أما إن كانت الإجابة (نعم ) فإليك هذه الخطوات العملية:
1- الاستخارة ابتداء، فقد علمنا صلى الله عليه وسلم أن نستخير الله في أمورنا كافة، وإن من أهم ما ينبغي الاستخارة له: الإقبال على الزواج، وقد كان جابر رضي الله عنه يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن، وكان يقول صلى الله عليه وسلم: (إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك, وأستقدرك بقدرتك, وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر, وتعلم ولا أعلم, وأنت علام الغيوب, اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر (هنا تسمي حاجتك) خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال: عاجل أمري وآجله, فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه, اللهم وإن كنت تعلم أن هذا الأمر (هنا تسمي حاجتك ) شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال: عاجل أمري وآجله, فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم ارضني به. ويسمي حاجته).
عليك أن تطمئن، فقضاء الله خير لك مما أردته لنفسك مما لم يقدره الله لك، فاطمئن وتذكر أن الله يختار لعبده الأصلح والأوفق له.
2- الإيمان بأن قدر الله هو الخير ولو كان مخالفا لهواه، لأن العبد قد يتمنى الشر وهو لا يدري أن فيه هلكته، وقد يعترض على الخير ولا يعلم أن فيه نجاته، قال تعالى: " وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم " . فكن على يقين بأن اختيار الله لك هو أفضل من اختيارك لنفسك، وهنا سيطمئن قلبك ويستريح.
3- الاجتهاد في بث رسائل إيجابية لأخلاقك عن طريق ابتعادك فورا عن الفتاة وعدم التواصل معها مطلقا، وكذلك الحديث إلى أحد من أهلها أو من جيرانها أو شيخ المسجد ليكون وسيطا مأمونا بينكما، كما أن للنساء دورا لا ينبغي أن تغفله، فالوالدة أو الأخت يمكنها أن تتواصل مع أمها أو أخواتها وهنا تبدأ الأمور تأخذ المنحنى الطبيعي.
4- إن فعلت كل ذلك ووجدت الباب مفتوحا والأمور مهيأة فهذا هو الخير، وإن أغقلت دونك الأبواب، وأيقنت أن أهلها لا يريدون إتمام الزواج فاخرج في هدوء، ولعل الله يكون قد ادخر لك من هي أفضل منها.
نسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يسعدك في الدارين، وأن يقدر لنا ولك الخير، والله المستعان.