السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
أنا بدأت بغض البصر في الفترة الأخيرة، أذهب يوميا إلى منتصف المدينة التي فيها كل منكر، وأنا كشخص مختلف عن أهل هذه الدولة بلون البشرة فلوني أسود، فأنا غريب عنهم، ودائما أمشي وأنا أنظر للأسفل خشية أن تقع عيني على الحرام.
وأنا كشخص مختلف البشرة أسود، صغير في السن، ينظر للأسفل حين يمشي، على عكس بقية الناس الذين يمشون بثقة واتزان، فأشعر أنهم يتكلمون عني إذا مررت بهم فيقولون: انظرو إلى هذا الأسود يبدو وكأنه مسكين! وهذا سبب لي ضيقا، وما عدت أعرف كيف أعيش، وأنا دائما أصبر نفسي بقوله تعالى:" وما عند الله خير وأبقى"، أتمنى أن تساعدوني في تخطي هذه المشكلة.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ف.م حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نشكركم على تواصلكم معنا، وثقتكم بموقعنا.
لا شك أن غض البصر عبادة مأمور بها كما ذكر الله تعالى في كتابه: ﴿قل للۡمؤۡمنين يغضوا۟ منۡ أبۡصـٰرهمۡ ويحۡفظوا۟ فروجهمۡۚ ذ ٰلك أزۡكىٰ لهمۡۚ إن ٱلله خبيرۢ بما يصۡنعون﴾ [النور 30]. وعن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا، أدرك ذلك لا محالة ، فزنا العين النظر، وزنا اللسان المنطق ، والنفس تمنى وتشتهي ، والفرج يصدق ذلك كله ويكذبه). رواه الشيخان.
ولكن مع ذلك ينبغي أن نفهم الفرق بين غض البصر وبين منع البصر، فما تقوم به أنت هو منع البصر وليس غض البصر، منع البصر أن تمتنع تماما عن رؤية ما أمامك بشكل طبيعي خوفا من أن يقع بصرك على امرأة غير مستترة، بينما غض البصر هو أن تنظر أمامك بشكل طبيعي، ولكن إن وقع بصرك على امرأة فيمكنك صرف بصرك عنها والنظر إلى شخص آخر بجانبها مثلا، أو بزاوية أخرى بحيث لا يلحظ الآخرون أنك تتصرف بشكل غير طبيعي.
ولو وقع بصرك على امرأة فلا تأثم بمجرد النظرة الأولى، وإنما يقع الإثم بتكرار النظر مع طلب التمتع بالنظر، ومنع البصر قد يوقعك في مشاكل نفسية، كالمشاكل الوسواسية، بينما غض البصر يحميك من مثل هذه المشاكل.
أما بالنسبة لسواد لونك، فهذا أمر ليس بيدك، وإنما هي صفة خلقية (بفتح الخاء) لا تؤاخذ عليها، كما لا تؤاخذ على طولك ولون شعرك ومكان مولدك، وإنما تؤاخذ على الصفات الخلقية (بضم الخاء) كطريقة تعاملك مع الآخرين وإحسانك أو إساءتك لهم، لذلك نجد هذا المعيار واضحا جليا في القرآن الكريم في قول الله تعالى : (إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، ولا شك أنك تعي هذه الحقيقة لكنك تعاني من ضغط المجتمع حولك، وهنا يأتي دور الصبر والتحمل واحتساب الأجر عند الله تعالى.
نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يهديك سواء السبيل.