هل يوجد بلاءٌ بالفكر كبلاء النفس؟

0 27

السؤال

السلام عليكم

أتمنى نصيحتكم، في رمضان قبل سنة ونصف، كنت مجتهدة في العبادات، ثم سمعت صوتا في داخلي وأنا أصلي قيام الليل، في أثناء الصلاة هذا الصوت يحدثني أنه سوف يصير لي هكذا وهكذا وهكذا، تجاهلت وقلت لن يحدث هذا وأكملت صلاتي، ثم بعد قضاء رمضان حدث كل شيء، الأمر صعب إلى الآن، أعاني لأنني خسرت جزءا من نفسي، وراحتي ذهبت.

سؤال آخر: أعلم ببلاء النفس، ولكن هل يوجد بلاء بالفكر؟ مضى عام ونصف على أمل أن يزول البلاء أو الابتلاء، أنا في مرحلة الثانوية، وهي مرحلة مهمة في حياتي، ولكن يصعب علي التركيز فيها.

أرجو الرد وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ sarah حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك ابنتنا الكريمة في استشارات إسلام ويب.

أولا: نسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يصرف عنك كل مكروه، وأن يثيبك على ما نزل بك من البلاء.

وأما بخصوص ما سألت عنه -أيتها البنت العزيزة- من أنه هل يوجد بلاء بالفكر كبلاء النفس؟ فالجواب أن الإنسان قد يبتلى بكل شيء يؤلمه وكل شيء ينزل به الضراء، وهذا الابتلاء -أيتها البنت الكريمة- يقدره الله تعالى لحكم بالغة، فإنه سبحانه وتعالى يقلب عبده المؤمن وأمته المؤمنة بين الخير والشر، وبين النفع والضر؛ لأن حياته وارتباطه بالله تعالى ربما لا يصلح إلا بذلك، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء، صبر فكان خيرا له).

فهذا هو حال الإنسان في هذه الحياة، كما قال في الحديث الآخر: (مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع، من حيث أتتها الريح كفأتها، فإذا اعتدلت تكفأ بالبلاء)، فلك أن تتصوري هذا المثال: الزرع في وسط الريح، كيف يحركه الريح، مرة يمينا ومرة شمالا، فهذا هو حال الإنسان المسلم في هذه الحياة ونزول البلاء به.

وهذا البلاء يقدره الله تعالى على الناس ليثيبهم، ويرفع درجاتهم، ويطهرهم من ذنوبهم، ولهذا يبتلي الله تعالى الأنبياء، وهم خير الناس، وأنت تقرئين القرآن، وفيه أخبار كثيرة عن الأنبياء، وما نزل بهم من البلاء، بعضهم ابتلي في بدنه بالمرض، وبعضهم ابتلي في ولده كما حصل ليعقوب عليه السلام، وبعضهم ابتلي بغير ذلك، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول حين سئل: أي الناس أشد بلاء؟ قال: (الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل).

فلا غرابة إذا أن يصاب الإنسان بما يكره، ولكن ينبغي للمسلم والمسلمة أن يعقل الأمور ويفكر فيها بطريقة صحيحة، ويعلم أن الله تعالى قدر ذلك للنتائج والنهايات التي يريد إيصال العبد إليها، فينبغي أن يقابل هذا بالصبر والاحتساب، ويأخذ بالأسباب التي يتخلص بها مما يكره.

وسؤالك: هل يمكن أن ينتهي هذا البلاء قريبا أو يمكن أن يطول؛ لأنه قد مضى عليك عام ونصف في البلاء؟
فنقول -أيتها البنت العزيزة-: إن البلاء يقدره الله تعالى وهو يريد أن يختبر صبر عبده، ولا بد لكل شيء من نهاية، فأحسني الظن بالله تعالى، واعتقدي أنه سبحانه وتعالى سيزيل عنك ما تكرهين، ويبدلك بالهم فرحا وسرورا، وبالمشقة يسرا وسهولة، وبالمرض صحة وعافية.

اعتقدي أن الله تعالى يقدر على ذلك، وهو سبحانه وتعالى قدير على كل شيء، وأنه لا يعجزه شيء، وأنه أرحم بك من نفسك ومن أمك، فإذا أحسنت الظن بالله فإن هذا الظن الحسن بالله تعالى من أسباب الوصول إلى المحبوب المطلوب، وقد قال الله في الحديث القدسي: (أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء).

نوصيك -أيتها البنت العزيزة- باللجوء إلى الله تعالى، بالإكثار من ذكره، وملازمة دعائه، والتقرب إليه، فإن هذه الأعمال تفتح لك أبوابا واسعة تدخلين منها إلى السعادة الحقيقية والأنس الحقيقي بالله سبحانه وتعالى.

نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير، وأن يصرف عنك كل مكروه.

مواد ذات صلة

الاستشارات