السؤال
السلام عليكم، وجزاكم الله خيرا على إنشاء موقعكم الكريم إسلام ويب.
أحبابي في الله: أنا شاب عشريني، لدي عيوب أكرهها في نفسي، ولدي بعض الخصال التي أحبها وأشكر الله على تمييزي بها، سأشرح لكم ذلك من خلال حديثي.
مشكلتي الأساسية هي أنني أحب الله كثيرا! نعم كما قرأتموها أحب الله كثيرا وأحاول أن يكون حبي له عمليا قدر المستطاع، أحاول فعل ما يقربني منه كـبعض النوافل، التي وبفضل الله جعل منها عادة، والاستغفار اليومي أو الشبه يومي، -لأكون دقيقا- ولسوء الحظ أقرأ بضع صفحات من القرآن بين الفينة والأخرى، وبشكل متقطع.
مازلت أعمل على نفسي لأجد محفزا في داخلي، يجعل مني ألتزم بقراءة القرآن، وأجعل من هذا العمل المحبب لله تعالى عادة.
لدي عيوب كما كل البشر، لكن عيبي الرئيسي هو حبي للنساء، أعلم أن هذه فتنة من أشد الفتن، وتؤدي للهلاك -والعياذ بالله-، لكني والله لا أدري كيف أتخلى عن هذه العادة التي لا تتركني، أيام كثيرة أبكي كـطفل نادم، أنا -والحمد لله- متزوج، لم أزن في حياتي، ولكن لا أستطيع منع نفسي من النظر للمحرمات بكافة أنواعها، وهذا يحطمني من الداخل بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
أنظر إلى نفسي باحتقار واستصغار، وكأنني أوبخ ذلك المؤمن القوي بداخلي، كيف تحمل حبا كبيرا لله وإيمانا راسخا به وقلبا أبيضا ناصع البياض في داخلك، وتشوب كل ذلك النقاء بنقطة سوداء تتوسع، لكنك لا تحس بها، لأنها أيضا أصبحت عادة، أخاف من سواد هذه الفتنة أن يمحي ما ذكرت، أخاف أن أسقط من عين الله، أنا حقا أضعف من ذنبي!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أمجد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب.
أولا: نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتوب علينا وعليك، وأن ييسر لك الخير ويعنيك على نفسك وينصرك عليها.
والحب لله تعالى علامة خير -أيها الحبيب-، ومفتاح لكل أبواب السعادة ومحفز قوي على فعل الأعمال الصالحة، فإن المحبة هي قطب الرحى الذي تدور عليه الحركة، وكلما كانت المحبة صادقة وكاملة وقويت هذه المحبة، ظهرت آثارها على ظاهر هذا الإنسان وحركاته، ولا شك أن الوقوع في المعصية من مظاهر نقص هذه المحبة، المحبة الكاملة الصادقة تقتضي الطاعة، وهذا لا يعني أن من يقع في المعاصي لا يحب الله، فقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- في شأن الرجل الذي كان يؤتى به ليقام عليه حد شرب الخمر، قد قال فيه -صلى الله عليه وسلم- "إنه يحب الله ورسوله"، ونحن أولا نبشرك بثمرات هذه المحبة، وأول هذه الثمرات وأعظمها أن المرء مع من أحب، كما أخبر بذلك الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
ولكن يجب عليك -أيها الحبيب- أن تجاهد نفسك، وتأخذ بالأسباب التي تمكنك من التوبة من ذنبك هذا الذي ذكرته، والإقلاع عنه، واستعن بالله سبحانه وتعالى، ولن يكلك الله سبحانه وتعالى إلى نفسك إذا استعنت به وصدقت في هذه الاستعانة، وأكثر من دعاء الله تعالى أن يعينك على نفسك، وقد صدقت في قولك أن فتنة النساء من أشد الفتن وتؤدي إلى الهلاك، وهذا موافق تماما لما قاله الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن هذه الفتنة، وقد قال: "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء"، ولكن مما يعينك على ترك هذه العادة القبيحة وهذا الذنب أمور:
أولها: أن تتذكر أنه ربما فاجئك الموت وأنت تباشر هذا الذنب وهذه المعصية، فتلقى الله تعالى بهذا الوجه الذي تموت عليه، وقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "إنما الأعمال بالخواتيم"، وتذكرك لهذا وخوفك منه سيكون رادعا -بإذن الله تعالى- عن إتيان هذه المعصية، والتساهل فيها.
وثانيا: إذا تذكرت بأنه قد يعاقبك الله تعالى بسبب هذا الذنب فيصرف قلبك عن التوجه إلى التوبة منه، والإقلاع عنه، فتذكرك لهذه الحقيقة أيضا يزرع في قلبك الخوف.
وثالثا: أن تتذكر -أيها الحبيب- أن الله سبحانه وتعالى يغار حين يفعل عبده المعصية والذنب، وأنه يغضب وأن غضب الله تعالى لا تقوم له السماوات والأرض، ولا تقدر عليه، فكيف يقدر عليه هذا الإنسان، تذكرك لهذا ولعقاب الله تعالى لأصحاب الذنوب كل هذه الأمور الثلاثة تصنع في قلبك خوفا يزعجك ويبعدك عن هذا الذنب، ويسهل عليك الأخذ بأسباب التخلص منه.
وخير ما نوصيك به -أيها الحبيب- الصحبة الصالحة والجلساء الطيبين، فاحرص كل الحرص على قضاء الأوقات معهم، وأشغل نفسك بما ينفعك، فإن القلب إذا شغل بشيء لن يتسع لغيره، كما قال الله سبحانه وتعالى: (ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه)، وعلى كل تقدير فلا تجعل من وقوعك في هذا الذنب محبطا لك عن الأعمال الأخرى الصالحة، فإن الله تعالى بعدله ورحمته يجازي الإنسان بعمله خيرا أو شرا، والحسنات والسيئات تتدافع فيدفع بعضها بعضا ويمحو بعضها بعضا، وقد قال الله سبحانه وتعالى: (إن الحسنات يذهبن السيئات)، فاحذر من أن يجعل الشيطان وقوعك في هذا الذنب سببا ووسيلة لصرفك عن العبادات والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى، ولكن أردنا أن نقول: إنه لابد أن تجاهد نفسك للتخلص من هذا الذنب، وألا تتساهل ولا تتطبع به، نسأل الله تعالى أن ييسر لك الخير.