أريد أن أشعر بالحياة وأستمتع بها، فكيف أصل لذلك؟

0 36

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة أسعى لإرضاء كل من حولي، وكلما حاولت عمل شيء جيد ينقلب علي، لا أشعر بالرضا في أي مكان، في المنزل أشعر بأني مهما حاولت لا أكون الشخص الجيد، وفي العمل أعاني من فساد المكان، ولا أعرف أن أسكت عن الخطأ، وهذا يسبب لي مشاكل، أشعر دائما بأنني مخنوقة ومتعبة.

كانت لي صديقة مقربة، ولكن اكتشفت حجم الاختلاف بيننا، وانقطعت علاقتنا لفترة من الزمن، والآن نحاول أن نرجع ولكن تبقى الاختلافات.

أصبحت أغار عليها من كل صديقة أخرى، ولا أستطيع الاستمتاع بوقتي معها، أحيانا أشعر أني مريضة نفسيا، وأحيانا أشعر أني محسودة.

أنا فاقدة للشغف بكل شيء، موضوع الاستيقاظ في الصباح والذهاب إلى العمل يحتاج لمجهود نفسي، وأكون مرهقة جدا، عندي أوجاع في الرقبة والأكتاف مزمنة، وأوجاع في العضلات، كلما حاولت أن ألتزم ببرنامج أو مشروع لا أستطيع أن أكمل كل مشروع أبدأ فيه، كالرياضة، أو النظام الغذائي، أو القراءة وحفظ الدرس، لا أستطيع الالتزام به.

أريد أن أشعر بالحياة وأستمتع بشيء فيها، لقد تعبت من كل شيء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آلاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يحفظك وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يتمعك بالصحة والعافية والسلامة.

أختنا: تضخيم الأمور أمر مراد دائما ما يسعى الشيطان إليه، فإن استجاب الإنسان له هلك وضل، ونحن نحذرك ابتداء من التضخيم؛ لأنه يتبعه آثار نفسية عميقة كان يمكن تجاوزها لو نحينا تضخيم الأحداث جانبا.

نحن لا نراك مريضة عضويا، كما لا نراك مريضة نفسيا، بل نرى أن هناك نقطة ذكرتيها على عجل قد تكون هي سبب ما أنت فيه، لذا نرجو أن تنتبهي جيدا لحديثنا.

أختنا الفاضلة: قلت: (وأنا لا أعرف أن أسكت عن الخطأ) ثم ذكرت أن هذا سبب لك مشاكل كثيرة.

وهنا لابد أن نتوقف وقفة طويلة؛ لأن هذه الإشكالية متى ما دامت جعلت من الإنسان وحيدا منعزلا مضطربا كئيبا يشعر أن العالم كله خطأ، وأنه مطالب أن يغير مبادئه وقناعاته حتى يتوافق معهم، وهذا يورثه عينا ناقصة تبصر أخطاء من حولها وتنسى عيوبها، هذا خلل خطير أختنا.

لا بد أن نفهم أن الخطأ له ثلاثة ضوابط في التعامل معه، فانظري بارك الله فيك هل تطبقين هذه أم لا؟ فإن كان لا وهذا ما نتوقعه فابدأي حفظك الله في التطبيق ولعل الأمر يتضح لك بعد أول شهر من هذا التطبيق، لكن قبل الحديث نحب أن نأكد على مسألة هامة، وهي أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على كل مسلم، لكن له ضوابط يجب معرفتها قبل الأمر أو النهي، وعدم معرفتها يوقع المرء في إشكاليات بعضها شرعي، ولأننا يغلب على الظن أن موضوعك يخص الأمور الاجتماعية والحياتية أكثر من الشرعية فلن نفصل في هذه النقطة كثيرا.

أختنا الكريمة : إذا أردنا أن نعالج الخطأ فلا بد من ثلاثة أمور:
1- التأكد من كون الخطأ متفق عليه: فما ترينه خطأ قد يراه غيرك مباحا، وما هو مجرم عندك قد يكون مباحا عند آخرين، وما هو طبيعي عندك قد يكون قبيحا عند الناس، والإنسان لا يجب أن يكون معيارا يقيس الناس عليه تصرفاتهم، ويبدأ بمحاكمتهم على ذلك، وعليه فلابد ابتداء أن نحدد نوع الخطأ، هل هو من المتفق عليه أم هو من المختلف حوله، فإن كان من المختلف حوله فيسعك ما يسع الناس من التقبل، وإن كان متفقا عليه فننتقل إلى العنصر الثاني.

2-هل فعله قاصدا عالما غير متأول، فإن كان غير قاصد أو جاهل وجب عذره ونصحه، وإن كان متأولا وجب تبيين الحق له بألطف عبارة وأقصر عتاب، أما إن كان قاصدا عالما غير متأول فهنا ننتقل للعنصر الأخير.

3- هل هو ممن يتقبل مني النصيحة؟ فإن كان ممن يتقبلها ويأخذها بصدر رحب تحينا الفرصة المناسبة، وأثنينا عليه أولا بالخير الذي نعلمه فيه، ثم ذكرناه بأخوتنا وصحبتنا ثم نصحناه بالمعروف.

غياب هذه الضوابط أختنا ستجعلك في خصومة مع الدنيا كلها، ولذا نرجو منك مراجعة الأمر من هذه الزواية.

ثانيا: عادة الناس أختنا أنهم لا يقبلون كثرة النقد، وليس في الدنيا صاحب بلا أخطاء، والعاقل من يقبل الناس على ما هم عليهم ويصلح على قدر ما يستطيع.

ثالثا: غيرتك على صاحبتك ليس مرده إلى مرض نفسي، ولا إلى غير ذلك، بل مرده أنها هي الصاحبة الوحيدة لك، وأنت مقتنعة من داخلك أنها كلما كثر أصحابها قل رصيد حديثها معك واهتمامها بك، ولذلك تحدث هذه الغيرة، وعلاجها في تكثير الأصدقاء وفق ما قررناه في النقاط السابقة.

رابعا: نريد منك أختنا وضع برنامج صحي لك، لا يقوم على الكمال ولا المبالغة، بل يقوم على الحد الأدنى حتى تعتادي على ذلك، واعلمي أن كثرة النوم من ضمن أسبابها غياب ما يشعرك بأهمية الوقت، فاصنعي ذلك بنفسك.

خامسا: المحافظة على الأذكار صباح مساء منهج المسلم المتدين بغض النظرعن أي إسقاطات أخرى، فحافظي عليها أختنا، واستعيني بالله عز وجل.

نسأل الله أن يوفقك لكل خير. والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات